علاقات إرتريا بالعالمين العربي والإسلامي عبر القرون 3/3 بقلم / آدم محمد صالح فكاك


وفي المجال الاقتصادي، رغم بعض المساعدات المقدمة من الاتحاد الأوروبي وأمريكا وبعض الدول العربية تعيش إرتريا في ضائقة اقتصادية شديدة، في الوقت الذي يكابر فيه النظام وينكر وجود ظروف معيشية صعبة جداً ويرفض الاستثمارات الأجنبية  ثقافياً : بدأ نظام أسياس أفورقي بقطع علاقات إرتريا الثقافية بالعالم العربي ، وحارب اللغة العربية ، لغة الثقافة والدين لأكثر من 60% من أبناء الشعب الإرتري " المسلمون" الذين يتكلمون بثمانية لهجات " أقربها إلى العربية هي لهجة التجري على الإطلاق " وتقوم اللغة العربية مقام اللهجات الثمانية المذكورة في الأمور الدينية والحياتية ، التجارية والتعليمية والثقافية الخ . وقد تفتقت ذهنية النظام عن إحياء اللهجات وذلك بغرض تهميش اللغة العربية أولاً ، ثم إخراجها من إرتريا وحرمان الشعب الإرتري من لغته العالمية وإحلال لهجة التجرينية محلها كلغة رسمية لإرتريا ، مبرراً استخدام اللغة العربية الضعيف والمحدود بوجود قبيلة الرشايدة ، حديثة الوجود نسبياً في إرتريا ، ولأن لهجتهم عربية . وللحقيقة فإن ثقافة إخوتنا الرشايدة العربية ضعيفة جداً ، ولم يعرف عنهم الاهتمام بعروبتهم ، بل لم يدخل شخص واحد منهم مدرسة أولية ، ناهيك عن وجود دعاة في الدين الإسلامي بينهم ، مثل القبائل الإرترية الأخرى ، وذلك نتيجة لظروفهم كرعاة رحل ، وقد طلبت منهم جبهة التحرير الإرترية الاستقرار في قرى ثابتة ، وذلك رغبة في تعليم أبنائهم وتوفير الرعاية الصحية لهم،مثل إخوانهم المسلمين في شرق وغرب إرتريا ، ولكنهم رفضوا الاستقرار ، واختاروا حياة الترحال خلف مواشيهم في الأرض الممتدة بين إرتريا والسودان . مع أن النظام الإرتري ورئيسه يعلم علم اليقين بأن مسلمي إرتريا هم أهل اللغة العربية والمدافعون عنها ، سواء وجد الأخوة الرشايدة في إرتريا أم لا . وقد تعلَم الرئيس الإرتري ورفاقه اللغة العربية في ميدان القتال الإرتري ، والذي لم يشارك فيه قط رشيدي واحد . فكيف تكون العربية لغة الرشايدة وحدهم ، إنها المكابرة وحدها ليس إلا ، على طريقة " عنز ولو طارت" ! ومن صور محاربة النظام للغة العربية ، رفضه توظيف خريجي الجامعات العربية واحتقار مؤهلاتهم الأكاديمية، فضلاً عن حجب المنح الدراسية المقدمة من الدول العربية والإسلامية للطلاب الإرتريين ، إمعاناً في التجهيل وإضعاف روح المنافسة بين أبناء الوطن الواحد ، كما عمل النظام على الإضرار بأبناء المسلمين حين كرَس سياسة استيعاب الطلاب المسيحيين وحدهم في المنح الدراسية التي يقدمها الاتحاد الأوروبي والدول الآسيوية .  وبهذه المناسبة لا يفوتني أن أهيب بالدول العربية أن تقدم المنح الدراسية لأبناء اللاجئين والمهاجرين مباشرة ، دون المرور بوزارة التعليم الإرترية ، المتخصصة في شطب وتضييع المنح الدراسية العربية ، في الوقت الذي يتشرد فيه المئات من أبناء اللاجئين الفقراء الذين أكملوا المرحلة الثانوية بشق الأنفس، وذلك لظروفهم المادية القاهرة ، وحالت إمكاناتهم المادية دون إكمال تعليمهم الجامعي ، رغم حصولهم على درجات عالية في الشهادة الثانوية (95%-97% ) ولم تتح لهم فرص الحصول على المنح التي يلقى بها في سلة مهملات الوزارة بحجة أنها تأتي من الدول العربية . أما محاربة النظام لتطبيع علاقات إرتريا بالعالم الإسلامي فقد فاقت إجراءات الاستعمار الأوروبي المعادية للإسلام ، فقد عمد إلى قطع كل علاقة له بالعالم الإسلامي ، حيث لا تواصل بالأقطار الإسلامية أو المشاركة في المؤتمرات الإسلامية ، أو حتى حضور وفود وبعثات إسلامية إلى إرتريا كما كان ذلك في الماضي ، عندما كانت إرتريا محط أنظار المراجع الإسلامية، ولعل الوفد المصري الكبير برئاسة الشيخ المراغي شيخ الأزهر الشريف، أكبر دليل على هذا التواصل الحضاري، بين إرتريا والعالم الإسلامي، كما قامت بعثة مصرية أخرى في الخمسينات برئاسة الشيخ محمود خليفة وزملائه ، بالإضافة إلى رجالات دين آخرين مثل البروفيسور أحمد حسونة ، والشيخ أبو طاهر من السودان ، والشيخ عمر الحداد من اليمن وغيرهم . كما قام النظام في مسلسل محاربته وعدائه لأي تقارب إسلامي ، بمنع وطرد مكاتب الجمعيات الخيرية الإسلامية العربية التي جاءت لمساعدة الشعب الإرتري، في المجالات الصحية والتعليمية والغذائية، وبناء وصيانة المساجد من الخراب والإهمال الذي أصابها من جراء حرب التحرير التي دامت ثلاثة عقود ، بينما نرى التواصل بين إخواننا المسيحيين بالعالم المسيحي في أوروبا وغيرها في شكل مشاركة رجال الدين المسيحي في كل المؤتمرات الكنسية وحضور البعثات الكنسية والمدنية إلى إرتريا وتقديم المنح الدراسية والمساعدات المالية لبناء الكنائس في كل مكان حتى وإن لم يتواجد مسيحيون فيها ، فنرى الكنائس الجديدة في المدن والقرى وعلى طول الطرق في المحافظات الإسلامية ، وذلك للإيهام بأن سكان إرتريا مسيحيون فقط ، وإن كل من يمر بهذه المحافظات يرى وجوداً طاغياً للكنائس حتى لو كانت دون رواد ، لا يهم ! فقط المطلوب هو المظهر المسيحي !!! والله المستعان . adam.moh.saleh@gmail.com 

 
03/07/2010
Print this page.
http://www.al-massar.com