في حواره مع إسلام أون لاين : الشيخ حسن سلمان: إسلاميو إريتريا يفتقدون لرؤية شاملة والخيار المسلح ليس مناسباً (1-2)‎
حوار: وليد الطيب-إسلام أونلاين 
تثير شخصية الشيخ حسن سلمان الجدل في الساحة الإسلامية الإرترية بآرائه وتقلباته، فبعد مشاركته الفعالة في حركة الجهاد الإسلامي الإرتري ثم توليه الأمانة العامة لحركة الإصلاح الإسلامي (كبرى الحركات السلفية الإرترية) انشق عنها ليشكل حركة سياسية إسلامية مستقلة أكثر تحررا في الفكر والمواقف أصبحت أول حركة إسلامية لها تاريخ جهادي سابق تعلن صراحة تبنيها للعمل السلمي ما جعل البعض يطلق عليه لقب "ترابي إرتريا" نظرا لتقلباته المتعددة. فقد بات الشيخ سلمان من المنتقدين لتجربة العمل الجهادي نقدا صريحا آخذا على الإسلاميين في إرتريا الغفلة عن الفرص السياسية السلمية المتاحة، والاندفاع في عمل جهادي لا ينفعل به الداخل الوطني ويتشكك في جدواه، ولذلك فضل سلمان البقاء في "التحالف الديمقراطي" المعارض -الذي يرأسه مسيحي- على الانخراط في "جبهة التضامن" التي تجمع القوى الإسلامية العربية الإرترية.ولم يستسغ الفكر السلفي الذي كان ينتسب إليه وخرج من شجرته مواقفه الجديدة وحركته (المؤتمر الإسلامي) التي تدعو لدولة مدنية يجد فيها كل من المسلم وغير المسلم ما يعبر عنه ويلبي أشواقه.ولد سلمان عام 1966م، تخرج في كلية الشريعة بجامعة أم درمان الإسلامية بالسودان، ونال درجة الماجستير في الفقه المقارن في موضوع "فقه الأحكام السلطانية عند الإمام الشاطبي"، وهو الآن على وشك مناقشة أطروحته للدكتوراه "فقه المشاركة السياسية" في ذات الجامعة.
* ما هو الجديد الذي جاء به حزب المؤتمر الإسلامي في إريتريا؟
المؤتمر الإسلامي هو امتداد لتجربة الحركة الإسلامية الإريترية، وتجربة العمل الإسلامي في إريتريا ضاربة الجذور، فمنذ فترة الخمسينيات بدأت تجربة الرابطة الإسلامية، بالإضافة لتجربة جبهة التحرير الإريترية في بداياتها، ومرورا بتجربة الحركة الإسلامية الجهادية، وما حدث بعد ذلك في إطار الحركة الجهادية من تباينات في الرؤى والمواقف. وبهذا فإن المؤتمر الإسلامي واحد من هذه الامتدادات وهذه المسيرة، ويوجد تشابه كبير بينه وبين هذه الامتدادات، وليس بدعا من الجماعات، ولم يأت بما لم يأت به الأوائل، ولكن مع ذلك ليس نسخة مكررة، فللحزب عدد من القضايا التي جاء بها نحسب أنه أتى فيها بجديد.المؤتمر الإسلامي تجربة جاءت بعد مخاض لمشكلات حقيقية للحركة الإسلامية، في طريقة إداراتها لمشكلاتها الداخلية ورؤيتها الخارجية، وتعاملها مع التباينات الداخلية والخارجية، وهو وليد لهذا المخاض وتلك التباينات، وبهذا الاعتبار عمد المؤتمر الإسلامي إلى تقييم هذه التجربة، وحاول وضع محددات حول الاختلاف مع الآخر التنظيمي، وكان يتمثل لحظتها في حركة الإصلاح الإسلامي الإريتري، ثم بدأنا ونحن نعيد تشكيل التنظيم نتلمس القضايا الأساسية لأسباب الخلاف، باعتبار أننا كنا في حركة الإصلاح، ولم نكن نفكر أن نخرج بصورة منظمة لنكون جماعة أو تنظيما، ولكن خرجنا لوجود مجموعة من الخروقات حول القضايا التي اتفقنا عليها جميعا.وبعد أن خرجنا عقدنا عدة لقاءات لتحديد وجهة التنظيم، وهل هناك حاجة لتأسيس تنظيم جديد؟ وهل من جديد يمكن أن نطرحه على الساحة السياسية؟ وأثناء بحثنا عن إجابات لهذه الأسئلة وجدنا أن هناك جديدا يمكن أن نأتي به، خاصة على الصعيد الفكري والسياسي، وهذه المسألة تبلورت بعد ذلك في أوراق المؤتمر التأسيسي للمؤتمر الإسلامي الذي عقد عام 2007الرؤية الإستراتيجية.
* حبذا لو عرفتنا ببعض هذه القضايا وموقفكم الجديد منها؟ 
ابتداء هناك قضية لم تمس في العمل الإسلامي خلال تجربتنا في حركة الجهاد وحركة الإصلاح وهي (الانطلاق من رؤية إستراتيجية في المواجهة)، ونعتبر أنفسنا في المؤتمر الإسلامي أول تنظيم أجاز في مؤتمر عام ورقة تتعلق برؤية إستراتيجية في العمل.في السابق كانت تقدم أوراق في الدعوة والسياسة، ولكنها لم تكن ضمن رؤية إستراتيجية شاملة، تتحدد من خلالها أولويات الحركة الإسلامية في الحرب والسلم، وأولوياتها في المطالب، هذه لم تكن في الحركة الإسلامية في السابق، ولكن تلمسها مؤتمر 2007م.
* ما هي معالم هذه الإستراتيجية؟ 
في هذه الورقة الإستراتيجية أجبنا على قضيتين مهمتين، ويمكن أن نعتبرهما جديدتين في الرؤية الإستراتيجية، المسألة الأولى: حول طبيعة الدولة الإريترية، والثانية: هي أولويات الحركة الإسلامية. ففي الفترة السابقة منذ تأسيس حركة الجهاد الإسلامي الإريتري في 1989م وحتى اللحظة التي اختلفنا فيها مع حركة الإصلاح، كانت أدبيات الحركة كلها تتجه إلى حد كبير إلى طرح مطلب الدولة الإسلامية، ونوقشت هذه المسألة والموقف منها بشكل واضح في المؤتمر التأسيسي للمؤتمر الإسلامي، وطبعا هذا قد يستغرب من حركة كانت تنهج نهجا مسلحا وقدمت طرحا. أبعد من مفهوم الدولة الإسلامية في فترة من الفترات.ومن خلال وقوفنا على التركيبة الإريترية كدولة بحدودها المعروفة، وما يواجه هذه الدولة من تحديات ومشكلات وقضايا، فقد توصلنا إلى أن الحالة الإسلامية تتطلب رؤية واضحة حول ما يريده المسلم في إريتريا، وقد تلمسنا ذلك بصورة واضحة، وقدمنا فيها رؤية، وقد تكون بعض التنظيمات الإسلامية الإريترية قد أضمرت ما طرحناه بشكل صريح، وبعضها عبر عنه بطريقة عامة لا يمكن الإمساك بشيء منها.
* ما هو الموقف الذي انتهى إليه المؤتمر فيما يتعلق بمطلب إقامة دولة إسلامية في إريتريا؟ 
نحن ندعو الآن خلال إستراتيجيتنا الرباعية، إلى دولة مدنية وإيجاد التوازن السياسي في الحالة الإريترية والتركيز على قضايا الحريات العامة والحقوق، ونرى أن هذا ما ينبغي أن تنشده الحركات الإسلامية الإريترية عامة أسلمة الدولة.
* ماذا تقصدون بالتوازن السياسي؟ 
نقصد بالتوازن السياسي أن هناك قوى بشرية مقدرة للمسلمين؛ حيث يشكل المسلمون غالبية السكان على اختلاف التقديرات، وهذه القوى البشرية الموجودة للمسلمين على مستوى السكان والجغرافيا ينبغي أن تظهر في التركيبة السياسية والحكم، في الجيش والوزارات ومؤسسات المجتمع المدني، وينبغي أن تكون هذه القوى حاضرة، والآن هناك اختلال بغلبة العنصر غير المسلم على تركيبة الدولة، وكل الإحصاءات تشير إلى أن العنصر المسلم في أحسن أحواله يمثل بـ 15% على مستوى السلطة في الدولة، بينما إذا نظرت إلى الجيش تجد هذا العنصر يمثل 70% من منسوبي الجيش، وهذا الاختلال لا يمكن أن تتم معالجته إلا بإعادة النظر في التوازن السياسي في مجمل أجهزة الدولة ومؤسساتها.
* هل تريدون من هذا التوازن الانتصار للحركة الإسلامية من باب خلفي أم من أجل الإريتري المسلم أيا كان؟ 
لصالح المسلم، فليس هناك إسلام بلا مسلمين، فإذا أردت أن تكون هناك دولة إسلامية فلابد أن يوجد المسلم في مؤسسات الدولة والأرض، ونحن ننظر لوجود المسلم كمقدمة أساسية وضرورية لأسلمة الدولة، والآن المسلم الإريتري مغيب حتى على مستوى الوجود داخل الدولة، فالجبهة الشعبية الحاكمة ترفض مبدأ عودة اللاجئين، وهناك أكثر من مليون ونصف المليون مسلم مهاجر خارج أرض الوطن، والآن يتنكر لهذا العدد الكبير وحقه في العودة تحت مختلف الذرائع، ويريد أن تعالج مشكلتهم خارج أرض الوطن، تحت مختلف الأساليب: التجنس بجنسيات الدول الأخرى أو الإكراه على البقاء بالخارج لعقود طويلة وتبقى قضية العودة في مهب الريح، ونحن نرى أولوية العودة ومشاركة المسلم في الدولة على قدم المساواة مع المسيحي، وإبراز (المواطنة) أساسا للحقوق والواجبات، ومن ثم تتحقق قضية التوازن، ولذلك طرحنا نحن في التنظيم مفهوم الدولة المدنية المرتكزة على الدين تجاوز مفهوم العلمنة.
* تدعون إلى دولة مدنية مرتكزة على مطلق الدين أم تقصدون على الدين الإسلامي؟
 نعتقد أن المجتمع الإريتري بشقيه -الإسلامي والمسيحي- متدين، ونحن بهذا الطرح نتجاوز مفهوم العلمنة القائم على فصل الدين عن الدولة، وننظر للمجتمع بشقيه المسلم والمسيحي على أنه متدين، ويمكن لقواسم الدين أن تجمع المجتمع الإرتري، ويمكن أن ترتكز بعدها الدولة على مرتكز آخر -ذكرناه في الإستراتيجية- وهو مفهوم الفضيلة، والتي عبرت عنها الأديان، وهي مما يشترك فيه المسلم وغير المسلم.ونحن ننادي بمقاصد كلية لتوحيد المجتمع كالحفاظ على الأسرة المكونات الأساسية للمجتمع العفيف وغيرها مما يجمعنا مع الشق الثاني من المجتمع الإريتري.
* هل امتدت رؤيتكم الجديدة للعمل الجهادي الذي اشتهرت به الحركة الإسلامية الإريترية؟
  في هذه النقطة تمتعت الإستراتيجية بجرأة، حتى أخذ عليها ذلك من كثير من الأطراف، وهو إعطاء الأولوية للعمل السلمي في هذه المرحلة، من خلال قراءة واسعة لتجربة العمل الجهادي ومعطيات المتغيرات في المنطقة، من تخلي عدد من الأصدقاء عن دعم الحركات الإسلامية الإريترية، وضعف الموارد المالية الضرورية للعمل العسكري، ولاحظنا كذلك ضعف الاستفادة من فرص أخرى متاحة غير عسكرية، وحتى الآن لم تسخر الحركات الإسلامية هذه الفرص لصالح مشروعها، ومن خلال كل هذه المعطيات أعطينا في المؤتمر الإسلامي الأولوية للعمل السلمي، بحيث تتمكن الحركة الإسلامية من الاستفادة من كل المنابر السياسية والإعلامية والدعوية والاجتماعية، والحفاظ على كثير من قدراتها من الإهدار في واقع لا تشير وقائعه وشروطه الموضوعية -دعم لوجستي ودولة معينة ومجتمع متفهم ومؤمن بجدوى القتال- إلى إمكانية التغيير من خلال العمل العسكري، وربما صار النظام يستفيد من الأخطاء التي وقعت من العمل المسلح.
* كيف يمكن لعملية سلمية أن تتعامل أو تغير نظاما سياسيا لا يعترف إلا بمنطق القوة؟
 قضية الاختيار بين العمل المسلح والعمل السلمي لا تكفي فيها فقط القناعة بالخيار؛ لأن المواقف السياسية مبنية على قضية الإمكان والقدرة، وإن كان هناك طرف له الإمكانية والقدرة فله أن يختار العمل المسلح إن أراد، ولكن من خلال قراءتنا السياسية للواقع وقراءتنا للذات، رأينا أنه خلال الأربع سنوات القادمة، وحسب المعطيات التي أمامنا بأن تبني الخيار العسكري غير مناسب في الوقت الراهن، ولا يعني أننا نعترض على من تبنى ذلك الخيار.
* عمليا هل هناك واقع يسمح لكم بالعمل السياسي السلمي داخل إريتريا؟
 الخيار السياسي ربما لا يكون متاحا من الداخل أصلا.
* هل هو متاح من الخارج؟
 نعم هناك فرص كثيرة جدا، لعمل سياسي ودبلوماسي وإعلامي وعدد من الخيارات.
* هل تؤدي هذه الأعمال إلى مخارج من الأزمة الإريترية المتطاولة؟
 على الأقل يمكن لهذه الأعمال السلمية أن تنتقل بالشعب الإريتري إلى مرحلة يستعيد فيها تجاوبه مع الخيار المسلح، وإلى هذه اللحظة نعتقد أن تجربة العمل المسلح خلال السنوات الماضية كلها كانت تفتقد إلى حد كبير للتفاعل الشعبي، والرؤية القائمة والمتبناة من المعارضة في أدبياتها السياسية هو استخدام كافة الوسائل كل حسب وسعه وطاقته وإمكاناته الدولة و التعايش.
* ما هي تجليات تبني العمل السلمي على مشروعكم السياسي؟
 بناء على تبنينا للعمل السلمي، تبنينا في الإستراتيجية مفهوم التعايش مع الآخر، وفق قراءة علمية دقيقة، وقد سعينا إلى تأسيس حالة التعايش عبر دراسة تركيبة المجتمع الإريتري، وقد قدمت في المؤتمر التأسيسي ورقة خاصة تشرح مكونات المجتمع الإريتري، وهذا يخالف في النظر تجربة الحركة الإسلامية الإريترية التاريخية، وتقوم التجربة على النظر من خلال استلهام النصوص الشرعية، وتحديد ما هو المطلوب نظريا من الناحية الشرعية دون النظر في كيفية تنزيل هذه النصوص الشرعية على الواقع الاجتماعي والسياسي والجغرافي لإريتريا، وحاولنا بصورة تحليلية الوصول إلى صيغة واضحة حول كيفية التعايش بين مكونات الوطن الإريتري، والتي اقتربت من الوصول إلى تحديد دقيق لماهية المشتركات التي تجمع المسلمين في إطار وحدة إسلامية، وما هي المشتركات التي تجمع المسلمين بغيرهم من الملل الأخرى، والتي تجعل المسلم وغير المسلم يعيشان في وطن واحد.وقد توصلنا في قراءتنا للمجتمع الإريتري أن الدولة في إريتريا ذات طبيعة خاصة، وأن مكوناتها الدينية والثقافية مختلفة ومتباينة، وأعراقها متعددة، بل وتجاذباتها الجغرافية والسكانية مختلفة، فإريتريا تتجاذب مجتمعها دولتان كبيرتان، السودان وامتداداتها في إريتريا، وإثيوبيا وامتداداتها في إريتريا.هذه الحالة الوطنية الخاصة تحتاج -إذا أردنا الحفاظ على الدولة- أن يكون هناك اعتراف متبادل وإلا الفراق والطلاق بين المكونات، نحن نرى من التجربة أنه كلما أراد طرف من أطراف المعادلة الإريترية أن يتخلي عن الطرف الآخر، يقف في منتصف الطريق وتفشل المحاولة أيا كانت، وينهار المشروع، وهذا منذ تقرير المصير ثم تجربة الاستقلال. ما لم يكن هناك توافق وطني فلن يكن هناك إنجاز وطني، وإذا أراد العنصر المسيحي أن يستأثر بالدولة ومكتسباتها وامتيازاتها، يمكن أن يكون له ذلك ولكن بصعوبة، وفي المقابل لو فكر المسلمون في الانفراد بالدولة فإن هذه الصعوبة تنتظرهم، وتوصلنا إلى ضرورة قيام الدولة على أساس التعايش بالاعتراف المتبادل بالوجود وضرورة المشاركة في الشأن العام.
* كيف نظر الإسلاميون الذين انشق منهم المؤتمر الإسلامي الإسلاميون الآخرون لما جاء به المؤتمر من رؤى وأفكار غير معهودة في المجال الإريتري؟
 من خلال احتكاكنا بالقوى الأخرى، يمكننا القول إن النظرة لم تكن سلبية، فهنالك من رأى أن هنالك اقتراب كبير من الرؤية الليبرالية، وأن ما جاء به المؤتمر أقرب للطرح الليبرالي أكثر منه للإسلامي، ومنهم من رأى أن هذا الطرح فيه نوع من السبق وتقديم لأوراق قبل أوانها، خاصة قضية أولوية العمل السلمي، في ظل نظام لا يؤمن بالحريات، ومنهم من رأى أن هذه الآراء فيها قفزات، وهناك من هو معجب بما توصلنا إليه ويعتقد أنها جاءت عن دراسة وتلامس الواقع بصورة مباشرة، وبصورة عامة كانت المواقف إيجابية مما طرحه المؤتمر الإسلامي.
* هل يمكن القول إن هذه الأفكار تمثل مراجعات متأخرة، لمواقف سياسية انتهت بانشقاق باعتبار أنكم كنتم مجموعة داخل حركة الإصلاح الإسلامي، وقد خرجتم بما انتهت إليه مراجعاتكم في هذه الصورة الحركية ممثلة في المؤتمر الإسلامي؟
الزعم بمثل هذا القول يجافي الحقيقة تماما، أو القول إن هذه الآراء كانت وراء خروجنا من الإصلاح والاستقلال عنه بتنظيم مستقل، لأنه -في تقديري- أن حركة الإصلاح على مستوى قياداتها السياسية، لا تختلف معنا، فأغلب هذه الآراء كانت متداولة بدرجة من الدرجات، ولكن ربما كانت (حركة الإصلاح) بها معيقات وقوى لا تجعلها تعبر عن ذلك بشكل صريح كما نعبر نحن عن أفكارنا.
* هل تقصد وجود قوى داخل الحركة؟
 نعم أقصد وجود قوى داخل الحركة لا تقبل بمثل هذا الطرح لخلفياتها الفكرية والثقافية، بالنسبة لنا إلى حد كبير كانت المكونات الأساسية للمؤتمر الإسلامي نخب وشباب، وهذا أتاح لنا الجرأة في إعلان ما توصلنا إليه، مع قناعتي التامة بأن القيادات العليا في الإصلاح لا تنقصها مثل هذه الرؤية من خلال معرفتنا الوثيقة بهذه القيادات، ووجودنا السابق في داخل لجانها، وأعتقد أنه ما تزال هناك معيقات وارتباطات تحول بينهم وبين تبنيها بشكل رسمي، بالإضافة إلى الإيمان عند البعض بالتطور البطيء حتى يحملوا معهم كل الصف بكل تبايناته الفكرية والثقافية.وبصورة عامة حركة الإصلاح لا تنقصها الرؤية، ولكنها تسير بسير ضعفائها في هذا المسار، بينما حظي المؤتمر الإسلامي بفرصة حوار داخلي بعيد عن أي ارتباطات أو متاريس، ووجد فرصة لعقد السمنارات، وورش العمل، وعقد المؤتمرات؛ للتعبير عما يجيش في خواطر أفراده.
* هل ساهمت هذه الأفكار والرؤى الإستراتيجية في بناء المؤتمر الإسلامي وتطوير قدراته الحركية وزيادة عضويته؟
 المؤتمر الإسلامي في بداية النشأة أتيحت له فرصة هائلة من التأييد الشعبي والانتشار مع أنه وُلد في ظروف من الناحية السياسية كان فيها إشكالات، ولو استمرت وتيرة الظروف في السودان التي طرح فيها المؤتمر الإسلامي آراءه بمثل ما كانت عليه لكان التقدم أكبر والسير للأمام بصورة أوسع، وعلى كل لا تنقص المؤتمر الإسلامي خاصية القبول الشعبي، ولا خاصية المشاركة السياسية والقبول من القوى السياسية المختلفة، ولا ميزة العلاقات الخارجية، هذه المسألة هي التي جعلت التحالف الديمقراطي يتقبل مشاركة المؤتمر الإسلامي فيه قبل أن يقدم المؤتمر طلب انضمامه بشكل واضح، ولكن أيضا لا يمكن أن نقول نحن راضون بما حققنا، فنحن ما زلنا نعاني من بعض الإشكالات كقضية الاستيعاب التنظيمي والحركي لكل الذين يتعاطفون مع المؤتمر في الداخل والخارج لاعتبارات منها ضعف الإمكانات وشحها مشكلة التصنيف.
* في تعليقات مئات القراء على حوار (إسلاميون) مع الشيخ أبو سهيل الأمين العام لحركة الإصلاح، اتهمتم بالانشقاق عن حركة الإصلاح لأسباب عرقية، فما ردكم على هذا الاتهام؟
 على كل الساحة الإريترية عامة تعاني من مشكلة التصنيف، ومن السهل على كل طرف أن يرمي الطرف الآخر بالاتهام بالقبلية، ولكن من يعرف المؤتمر الإسلامي بتركيبته القيادية وقاعدته الجماهيرية، يصعب عليه وصف المؤتمر الإسلامي بأنه يعبر عن قطاع اجتماعي، هذه مسألة شبه مستحيلة.
* بأي دليل؟
 بدليل التركيبة نفسها على مستوى قيادة التنظيم، وبكل ثقة نقول إن تركيبة المؤتمر القيادية لا تعبر عن حالة قبلية، وتركيبته القاعدية لا تعبر عن اصطفاف قبلي، وللأسف الشديد هذه المواقف عامة مبنية على تصنيف (الرجل الأول وقبيلته)، فيوصف التنظيم بالتبع، وفي المؤتمر الإسلامي لا يمكن أن نقول إن الشخص الذي يقود التنظيم يمثل قطاعه الاجتماعي، باعتبار أن الذين خرجوا مع القيادة السياسية للمؤتمر الإسلامي من حركة الإصلاح هم نخبة الشباب والطلاب في الحركة الإسلامية، إضافة إلى أننا خلال أطروحاتنا ضد اختزال التنظيمات على مستوى الشرائح الاجتماعية وأطروحاتنا الفكرية نتجه للانفتاح واستيعاب الكل، وأن تكون التنظيمات السياسية معبرة على أقل تقدير عن طبيعة الطرح الذي تتبناه، فمثلا تكون التنظيمات الإسلامية معبرة عن الحالة الإسلامية الإريترية المتعددة والمتنوعة.
* تبنيتم العمل السلمي خيارا في العمل المعارض، وفي ذات الوقت يتبنى بعض حلفائكم في المعارضة العمل العسكري، فإلى أين سينتهي بكم الحال؟ إلى التخلي عن العمل السلمي واللحاق بالسلاح؟ أم جر المسلحين للعمل السلمي والتفاوض المباشر مع النظام في أسمرة؟
 في تقديري ليس بلازم أن ننتهي لأحد الخيارين، والسبب في ذلك تعنت النظام، ربما لو أن النظام تعاطى مع الطرح السلمي وفتح المجال لتعددية سياسية في البلاد وإفساح المجال للآخرين، ربما ظهرت هذه المشكلة، ولكن في الوضع الراهن في ظل تعنت النظام ورفضه الاعتراف بالقوى السياسة ورفعه الشعار الأمني حلا أساسيا للمشكلات الوطنية والتنكيل بالمخالف في الرأي، تصبح كل الخيارات مقبولة ومتوافقة في مواجهته الحرب والسلم، وكل يعمل على حسب إمكاناته. ونحن كحركة إسلامية ناشئة تريد على الأقل أن تعالج عددا من المشكلات الموجودة في العمل الإسلامي، وهي في حاجة إلى أن تطرح الطرح السلمي، خاصة مع وجود حركة إسلامية أخرى تحمل السلاح، فليس بلازم أن نكون نسخا من بعضنا البعض.
 
03/07/2010
Print this page.
http://www.al-massar.com