في حواره مع اسلام اون لاين : الأمين العام للمؤتمر الإسلامي الإرتري متحدثا عن الحالة الإسلامية في إرتريا (2-2)‎

 

حسن سلمان: أكبر خسارة لحركة الجهاد الإرتري انشقاقها لإخوان وسلفية .. التفاعل بين المدارس المختلفة داخل تنظيم واحد أفضل من تصارعها عبر تنظيمات مختلفة
..حوار: وليد الطيب - إسلام اونلاين
في الجزء الثاني من حوارنا مع الأمين العام للمؤتمر الإسلامي الإريتري، تحدث حسن سلمان عن تقييمه لأداء الحركة الإسلامية الإريترية، وعن تجربتها في التعامل مع التباينات وإدارة التنوع الذي يرى أن فشلها فيه هو سبب الانشقاقات التي ضربت هذه الحركة.. وتحدث عن موقع المؤتمر الإسلامي في الحالة السلفية الإريترية خاصة والحالة الإسلامية الإريترية بشكل عام حيث يقول إن المؤتمر جزء من المدرسة السلفية. وعرض حسن سلمان رؤيته في توحيد التيارات الإسلامية الإريترية التي تتمثل في تكوين مظلة سياسية واحدة تجمع المدارس الإسلامية الإريترية المختلفة على المستوى السياسي في حين يظل لكل مدرسة مؤسساتها على المستوى الدعوي.كما تحدث عن كيف يمكن أن يدير الإسلاميون العلاقة مع المسيحيين في إريتريا، وعن مفهوم المؤتمر الإسلامي للمواطنة، وعن أسباب عدم انضمام المؤتمر الإسلامي لجبهة التضامن التي جمعت التيارات الإسلامية العربية في المعارضة الإريترية.
تقييم الحركة الإسلامية الإريترية.
* كيف تنظر لمكاسب الحركة الإسلامية الإريترية.. هل تتناسب مع تاريخ يمتد خمسين سنة؟
  في تقديري أن الحركة الإسلامية الآن في مرحلة ضعف، خاصة أنها فقدت البريق الذي جعل البعض في فترة من الفترات ينظر إليها على أنها فوق الحالة البشرية، ولهذا انضم إليها عدد كبير من المواطنين بظن أنها ستأتي بما لم يأت به الأوائل من قوى قومية وعلمانية، وتناست الحركة وتناسى المواطنون أنها وإن كانت حركة تتبنى الإسلام فهي أيضا جزء من التركيبة الإريترية وتحمل شيئا من جرثومة المجتمع، ولم يتصور أحد أن تصيب مشاكل المجتمع الحركة الإسلامية نفسها.عاشت الحركة الإسلامية قمة تألقها في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات ثم ذهبت الانشقاقات بشيء من هذا البريق، لكن هذا لا يعني أن الحركة قد انتهت.
* ما هي أسباب هذه الانشقاقات؟
 توصلنا من خلال لقاءات عديدة إلى أن السبب الرئيس في الانشقاقات هو العجز في إدارة التباينات والتناقضات، والفشل في إدارة التنوع السياسي والفكري والاجتماعي، ولقد حاولت الحركة الإسلامية الإريترية أن تمتاز عن غيرها واعتبرت في إحدى الفترات أم الجماعات باعتبار أن التيارات الفكرية كلها موجودة بداخلها في صف واحد منتظم، ولكن الحركة الإسلامية لم تستطع أن تبرز حالة فكرية مميزة لها، بل ظلت الامتدادات والارتباطات الفكرية تعبر عن نفسها وتتصارع داخل الحركة.مدارس الحركة الإسلامية الإريترية
* ما هي هذه الامتدادات الفكرية؟
 هي المدرسة الإخوانية والمدرسة السلفية، وكانت هذه واحدة من المشكلات الأساسية التي صعب على الحركة الإسلامية معالجتها، لأن تكوينها الأول كان متعجلا وسريعا، ولم تعتمد المرحلية في تحقيق وحدتها، كما أنها لم تسع في معالجة المشكلات بشكل موضوعي، وأيضا لم يتح لها صراعها المباشر مع النظام فرصة معالجة هذه التناقضات، ثم جاءت مسألة الاستقلال 1991م وحدث فيها تباين بين من يرى الاستمرار في العملية الجهادية وبين من يرى الانخراط في العملية السلمية.وفي تقديري ليس عيبا أن تكون هناك تباينات ولكن العيب في القيادة السياسية التي لم تستطع أن تدير هذا التنوع وتدرأ التناقضات، وإذا كانت في البداية عجزت عن إدارة التنوع الفكري والسياسي فإنها في النهاية عجزت أيضا عن إدارة التناقضات الاجتماعية، حيث تنشق حتى المدرسة الفكرية الواحدة على نفسها عندما يبرز التنوع من زاوية أخرى وتعجز المدرسة الفكرية عن معالجته، فالحركة في النهاية تعبر عن مكونات المجتمع الإريتري.
* بعد انشقاقكم الأخير هل ترون أن المؤتمر الإسلامي ما يزال امتدادا للمدرسة السلفية؟
 نحن جزء من المدرسة السلفية ولكن بثوب جديد وقراءة مختلفة، ومن ينظر للفكر السلفي كمدرسة محددة وتجربة محددة ويحاكمنا على هذا الأساس فقد يخرجنا من الدائرة السلفية، ولكن لو حوكم المؤتمر الإسلامي إلى المنهجية السلفية فإنها تستوعبه.
* حصرت الحالة الإسلامية في الإخوان والسلفيين، فهل للصوفية وجود في الحالة السياسية الإريترية؟
 يبدو لي أن الحالة الصوفية ضعيفة لأن القضية أكبر من هذه التقسيمات، فالمسلم بمختلف اتجاهاته يحس بالمظالم والتهميش والإبعاد، وأنه سواء كان سلفيا أو صوفيا غير موجود في المعادلة القائمة.
* هل عندكم صلات بالمؤسسات الرسمية الدينية في داخل إريتريا؟
 هناك صعوبة في الظرف الراهن في إنشاء صلات بشكل مباشر، ولكن نحن مع ضرورة تقوية كل ما هو إسلامي بمختلف اتجاهاته وارتباطاته.
* هل هناك علاقات مباشرة بين المؤتمر الإسلامي والحركات الإسلامية الأخرى، حركة الإصلاح وغيرها أم هي فقط في إطار التحالف العريض المعارض؟
 العلاقات كانت موجودة وينبغي أن تكون موجودة ولكن الآن هناك سوء فهم فيما يتعلق بالموقف من جبهة التضامن.. للأسف الشديد الأطراف التي دخلت في التضامن أصبحت تتعامل بمنطق "من ليس معنا فهو ضدنا" ونحن إلى هذه اللحظة لسنا ضد جبهة التضامن، ولكن يمكن أن نختلف معها في المنطق السياسي ومع ذلك نحن حريصون على التواصل مع الجميع، وللأسف الشديد القوى الوطنية داخل جبهة التضامن ألين في مواقفها تجاهنا من القوى الإسلامية.أسباب الانشقاق
* أستاذ حسن سلمان، تتهم بأنك رجل انشقاقي، فكيف ترد هذا الاتهام؟
 الانشقاق في تقديري تحكمه معايير، فلو كان لأسباب وحيثيات موضوعية، وفرض على الإنسان الاختيار بين أن يعيش دمية في حالة سياسية معينة أو أن يخرج فالخروج عندها مطلوب، أما موقفنا من قضية الوحدة فتاريخنا حافل والحمد لله بالدعوة لتوحيد الحركة الإسلامية الإريترية والتقارب ولملمة الأطراف، وما يزال لدينا أشواق لوحدة الصف المسلم.وأقول ليس من يصفنا بالانشقاقية بأفضل منا في ذلك، ولا ننكر أننا قد نكون أسهمنا في الانشقاق الأول والأخير، ولكن قراءاتنا الآن لتلك التجربة تضع في الاعتبار كثيرا من المتغيرات.
* هل أنت نادم على الانشقاق الأول الذي انتهى بتمايز الإخوان بتنظيم جبهة الخلاص والسلفيين بحركة الإصلاح؟
 قد أكون نادما على الانشقاق الأول، الذي أصاب حركة الجهاد الإسلامي لأنه أدى للانشقاق الثاني، وللحقيقة والتاريخ فأنا كنت من أنصار التفاعل الداخلي بل الصراع الداخلي بين أصحاب المناهج المختلفة -الإخوان والسلفيين- داخل التنظيم الواحد بدل أن نتصارع من موقعين مختلفين لا رابط بينهما، وهذا ما عبرنا عنه بمشكلة (إدارة التنوع)، وفي فترة حركة الجهاد الإسلامي قدمت شخصيا ورقة في لقاء عام 1991 عن كيف تتعايش المدرستان، بعنوان "الوحدة الإسلامية بين المثال والواقع.. تجنبا للانشقاق" بين المدرستين الإخوانية والسلفية، لأنني كنت أرى بوادر ذلك، وللأسف الشديد هوجمت من المدرستين في ذلك اللقاء واتهمت بأنني أؤصل للانقسام بينما كنت في حقيقة الأمر أؤصل للتعايش وإدارة التنوع.وفي إطار قيادتنا للتجربة الوحدوية بين الحزب الإسلامي الإريتري (الإخوان المسلمين) وحركة الإصلاح (التيار السلفي) كنت أكثر من دفع بقوة لأن توجد الحركة الإسلامية مظلة جامعة للتيارين السلفي والإخواني، وتتحول الكيانات الفكرية إلى مدارس دعوية ويبقى التيار السياسي واحدا بقيادة سياسية واحدة، وهو تصور يعترف بحق هذه التيارات الفكرية بأن يكون لها مدارسها ومؤسساتها واتصالاتها العالمية، ولكن في إطار خدمة مشروع سياسي إريتري واحد.وما زالت هذه قناعتنا، والاتهام بالانشقاقية غير صحيح، وقد علمتنا التجربة أنه ليس بلازم أن تكون تجاربنا السابقة ومواقفنا الماضية كلها خاطئة صرفة أو صحيحة صرفة.. لو تعاملنا مع المواقف السياسية بأنها لحظية مرتبطة بشروط زمانها، فلعل ما فعلته بالأمس يكون صحيحا بوقائع الأمس وقد تقرؤه اليوم بعقل الناقد المراجع فتجده خاطئا باعتبار المآل.
* وتتهم أيضا بأنك "حسن ترابي" الحركة الإسلامية الإريترية؟
 بحمد الله تربيت تربية سلفية من حيث النشأة وطريقة التفكير، ولكن التربية في السودان لها تبعاتها، فليس من ينشأ في السودان كالذي ينشأ في غيره، فحتى لو لم تأخذ البعد الفكري من الحركة السودانية فأنت لا محالة متأثر بالبعد السياسي للحركة الإسلامية فيه، فالسودان به حريات إلى حد كبير حتى في العهود الديكتاتورية، والسلفية في السودان ليست كالسلفية في غيره فهي سلفية مسيسة بتأثير البيئة عكس السلفية في كثير من الدول، وبهذا الاعتبار تأثرت بالسودان وجماعاته، ودرست بالجامعات السودانية وتعاملت بصورة مباشرة مع الجماعات الإسلامية السودانية بمختلف اتجاهاتها، وفي كل الأحوال لا أعتقد أنني تابع لزيد من الناس غير رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو المتبوع وحده من الخلق.
التحالف الديمقراطي وجبهة التضامن
* بعد ظهور تكتلات داخل المعارضة الإريترية تكونت جبهة التضامن في مايو 2009 لتعبر عن تيار الهوية الإسلامية العربية في المعارضة الإريترية ولكنكم مع ذلك لم تنضموا لها، ألا يضعف هذا من تأثيركم العام، وما هو تبريركم لعدم الانضمام؟
 قبل الكلام عن الموقف من جبهة التضامن لابد من ذكر خلفية المؤتمر الإسلامي في المواقف التي يتخذها عموما، ومن التحالف -"التحالف الديمقراطي" المعارض- ومكوناته خصوصا، حتى ينظر لمدى انسجام موقفنا الرافض للدخول في جبهة التضامن مع مواقفنا الكلية.نحن وكل الحركات الإسلامية الإريترية نعتقد أن أنسب مظلة يمكن العمل من خلالها هي المظلة الجامعة، التي يلتقي فيها كل الفرقاء، من مختلف التوجهات، وأن أي حالة تظهر فيها الحركة الإسلامية بمختلف تياراتها مصطفة بمعزل عن القوى الأخرى تكون مقدمة لإبعادها.وهذا موقف كل الإسلاميين لأنه يتيح لهم التواصل مع كل القوى المحلية والإقليمية والدولية المشتبكة مع القضية الإريترية وتلك المهتمة بقضايا الحريات، وهذا الموقف إستراتيجي بالنسبة لنا من خلال رؤيتنا للتركيبة الإريترية وضرورة مراعاتها، وهو مبني أيضا على المعطيات من حولنا، حيث ضعف الدعم العربي والإسلامي، وإمكانيات التحرك للمعارضة الإريترية في أوروبا وكندا وأستراليا والغرب بشكل عام.. في مثل هذه الأجواء المظلات الجامعة التي تعبر عن الكل أفضل من المظلات الخاصة.والنقطة الثانية التي نستصحبها في مواقفنا هي وحدة التحالف والحفاظ على هذه الوحدة، حتى لا تتكرر تجربة انشقاق التحالف في 2007 حيث ظهرت كتلتان، وقد شل ذلك عمل المعارضة ولا تزال كل مكونات تحالف المعارضة تدفع ثمن ذلك الخلاف، لذا نرفض كل ما يمكن أن يرد الحالة للمربع الأول بظهور التكتلات داخل التحالف، ولهذا ندفع في اتجاه تقوية اللحمة الجامعة ومع ذلك نحن من أنصار أن تتوحد الحركة الإسلامية في داخل ذلك الإطار الجامع، وهذا متاح لها ولغيرها.وفي مؤتمر التحالف 2008 تمكنت قوى المعارضة من إعادة اللحمة للتحالف وتوحيده، وشهدت بداية 2009 نشاطا مؤثرا وقويا للتحالف حيث استطاع أن يحقق في الشهور الأولى من 2009 ما لم يحققه في السنوات العشر الماضية، وقد تمكن من طرح القضية الإريترية في منابر مؤثرة في أوروبا وأمريكا وأستراليا، وما كان ذلك ليحدث لولا وجود وحدة جامعة، ولو أراد كل طرف أن يفعل ذلك وحده ما استطاع كما ظهر ذلك في فترة التكتلات في 2007، فالوحدة أوصلت رسالة مهمة لتلك الجهات بأن هناك طرحا يعبر عن الجميع وعن المشكلة الإريترية وله قيادة يمكن التفاهم معها في مختلف المنابر.وكان ينبغي أن تعزز هذه التجربة بدلا من الرجوع للوراء لحالة التكتلات، وحقيقة فوجئنا بظاهرة التكتل من جديد، والمؤتمر الإسلامي الذي كان الفصيل الأخير في الالتحاق بالتحالف، نظر إلى هذا الواقع وما حدث بالأمس ليصل إلى أن الإنجاز والكسب الحقيقي هو في الكيان الجامع ولذلك نتمسك بهذا الكيان.
* إذن ما هي مفردات موقفكم بصورة مباشرة؟
 بعد أن تكونت جبهة التضامن عرض علينا الانضمام لها، وكان موقفنا أن الوقت الذي طرحت فيه لم يكن مناسبا، مستصحبين مصلحة تماسك الكيان الجامع والمصلحة العامة للمسلمين، ونحن في المؤتمر الإسلامي نرى أن الأفضل والأحسن أن يكون العمل داخل مظلة التحالف، وهو مصلحة حقيقية لو نظرنا لها في إطار تخفيف المواجهة الداخلية بين مكونات للمجتمع، وقد حدث بعد تكوين جبهة التضامن حالة من اللغط، وأضعف ذلك الجهد المبذول لصالح التحالف.خلاصة الأمر أنه مادامت السياسة عمل في إطار اجتهادات معينة مبنية على حيثيات شرعية وحيثيات واقعية، فإن موقف التضامن خيار من الخيارات -رأته مجموعة من التنظيمات وتبنته- نتعامل معه على أساس أنه خيار ضمن خيارات أخرى، وأنه يحتمل الخطأ والصواب، وهذا الخيار يجب ألا نتصور أنه الخيار الأوحد للمسلمين، ولا نتعامل معه على أنه الخيار الوحيد الصائب الذي لا يحتمل الخطأ، ولا نتعامل معه على أنه الخيار الجامع للمسلمين، هو خيار ولكنه إلى هذه اللحظة لا يعبر عن الحالة الإسلامية ولا يستوعبها.
* بأي مفهوم؟
 بالنظر لمكوناته؛ طبعا هناك تنظيمات للمسلمين في جبهة التضامن ولكن لا يمكن الزعم بأنها تمثل المسلمين ما لم تستوعب المكونات الإسلامية المنتشرة في التنظيمات الإريترية المختلفة، وبغير إدراك هذا الوجود وحجمه لا تستطيع أن تصف التضامن أو غيرها بأنها تمثل المسلمين، ونحن نعتقد أنه لا يخلو تنظيم من التنظيمات الإريترية على مختلف توجهاتها ومدارسها من مسلمين.ولا ننفي أن هناك تنظيمات إسلامية صرفة أو خالصة للمسلمين، فالمؤتمر الإسلامي مكون إسلامي خالص و"جبهة العفر" مكون مسلم صرف وحزب النهضة كذلك هو مكون مسلم، ولا يمكن أن يُفهم أن هناك كيانا يمثل المسلمين دون أن يشارك فيه هؤلاء، ولهذا فجبهة التضامن خيار من الخيارات ولكنه لا يمكن اعتبارها الخيار الذي لا يتطرق له الخطأ، ولو تعاملنا مع جبهة التضامن من هذا المنظور فنقول باطمئنان: لو فشلت تجربة التضامن فإن ذلك لا يعني بحال من الأحوال فشل المسلمين.نعتقد أن التضامن حالة دخلت فيها أطراف مسلمة تريد أن تعبر عن موقف معين في ظرف معين ولحظة تاريخية معينة، ولو فشل هذا الخيار فإن المسلمين أمامهم خيارات أخرى متاحة.
* وقعتم مؤخرا مذكرة تفاهم مع بعض تنظيمات التحالف المعارض (حزب الشعب وحزب النهضة والحركة الشعبية والحزب الديمقراطي) ووصفتم تلك الخطوة بأنها تجسير العلاقة بين المشروعين الإسلامي والوطني، فهل هي أيضا مقدمة لكتلة جديدة داخل التحالف؟
 الحكم على الشيء فرع عن تصوره، وبغير إدراك الخلفيات لن تصل إلى فهم صحيح لهذه الخطوة، ففي ورشة عمل للتحالف بأديس أبابا في العام الجاري وقعت حدة في الطرح بين مكونات التحالف حول طبيعة الظلم الواقع في إريتريا، حيث يرى البعض أن الظلم الواقع على المسلمين هو الأكبر وأن الآخرين عليهم أن يعترفوا بذلك، والمؤتمر الإسلامي باعتباره طرفا إسلاميا تهمه قضية تماسك التحالف وفعاليته، وتهمه مصلحة المسلمين وتجسير العلاقات بينهم وبين المكونات الأخرى للمجتمع الإريتري، ويرى أن مستقبل إريتريا واستقرارها يكمن في التوافق الوطني، وعبرنا عن ذلك بالدولة المدنية التي يجد الكل فيها حقه على أساس المواطنة، وبناء على ذلك تم التفاهم بين التنظيمات الخمسة في إطار هذه الرؤية.وبهذه الخطوة أردنا توصيل رسالة للمواطن الإريتري بأن هناك إمكانية للتواصل بين الإسلام وغيره من الأديان والمعتقدات وإمكانية التعايش بين هذه المكونات وليس هناك مهدد يهدد الوطن رغم الاختلافات والتباينات الموجودة في ساحة المعارضة، وهذه الخطوة التي أقدم المؤتمر الإسلامي عليها لم تشكل تحالفا له قيادته وبرامجه بقدر ما شكلت حالة من التفاهم السياسي.مستقبل العمل الإسلامي الجهادي والسلمي
* كيف ترى مستقبل العمل الجهادي في إريتريا؟
هناك عوامل كثيرة تؤثر في مستقبل العمل الجهادي، وقد حدث تراجع في وتيرة العملية الجهادية ولكن له ما يبرره، فهناك مشكلات على مستوى الدعم والتمويل ومشكلات في حيازة أرض للانطلاق الجهادي، وهناك مشكلات على مستوى التفاعل الشعبي مع العمل المسلح، بالإضافة لعدم تحقيق إنجازات عسكرية حاسمة، وهناك قضايا تحتاج إلى دراسة مثل انطلاق العمل المسلح من الخارج وإمكانية تحقيق نصر عسكري حاسم بذلك.. كل هذه العوامل وغيرها تؤثر في مستقبل العمل المسلح في إريتريا.
* مستقبل المعارضة الإسلامية في صورة التحالف المعارض؟
هناك فرص للإسلاميين لو أحسنوا المواقف والخطاب السياسي، وتمكنوا من الانطلاق في التخطيط لعملهم من واقعهم بشكل علمي ومدروس، وتجاوزوا كثيرا من المرارات التي تصاحب المظلومين عموما، وتمكنوا من جعل قضيتهم قضية للجميع بدلا من الانغماس في التعبير عن فئة محدودة في المجتمع، فرفع الظلم عن الإنسان قضية قومية ومشتركة، ويمكن أن يحتشد حولها الجميع، وهم مطالبون بأن يقنعوا الآخرين بأن ظلمهم يؤثر على الآخر، وأن هذا الآخر يجب ألا يكون جزءا من الظالمين، ومستقبلنا رهين بخطاب مرشَّد ومواقف مدروسة بعيدة عن ردود الأفعال.
* أقيم في نوفمبر الماضي مؤتمر أوروبي أمريكي بمشاركة قوى إريترية موجودة في أوروبا لتوحيد الموقف الأوروبي الأمريكي، وقد غيبتم كمؤتمر إسلامي وأعلن رئيس التحالف رفضه للمؤتمر فما موقفكم من مخرجات هذا المؤتمر؟
 نحن نمثل قوة إريترية سواء أشاركنا أم لم نشارك، وإذا كان هذا المؤتمر يسعى إلى دفع النظام الإريتري نحو التحول الديمقراطي، ودفع السياسات الأوروبية والأمريكية للضغط بشكل موحد على النظام من أجل احترام حقوق الإنسان وملف الحريات وقضايا التحول والإفساح للإغاثة وإطلاق سراح السجناء، فإن هذا ينبغي أن يقدر ويقبل ويدعم، أما غياب بعض الناس عن مداولات المؤتمر فهذه مسألة أخرى ويمكن أن تستدرك لاحقا ويصوب المسار.

 

 
03/07/2010
Print this page.
http://www.al-massar.com