الشيخ حسن سلمان : فشلنا في إدارة تنوعنا الثقافي والفكري والاجتماعي وحالة احباط الشعب مسئولية مشتركة بين النظام والمعارضة ..

رئيس المؤتمر الاسلامي الارتري المعارض في حوار مع ( سودانيز اون لا ين ) - (2)  

الشيخ حسن سلمان : فشلنا في إدارة تنوعنا الثقافي والفكري والاجتماعي وحالة احباط الشعب

مسئولية مشتركة بين النظام والمعارضة ..

البعض منا يحاول إدارة التحالف مثل تعاطيه مع إدارة الحركة الاسلامية وهذا غير ممكن !!

محتاجون لتطوير الفكر الحضاري الذي يحارب الاستبداد ويعمل علي تحقيق العدالة والرقابة الفاعلة في المؤسسات ..

يحاول القيادي السابق بحركتي ( الجهاد والاصلاح )الارتريتين والرئيس الحالي للمؤتمر الاسلامي المعارض الشيخ حسن سلمان تشخيص وتحليل بعض علل وإشكالات الواقع الارتري المعاصر من خلال استعراض واستدعاء تجارب التنظيمات المكونة للتحالف وتسليط الاضواء حول العنصر الاجتماعي بتعدد اعراقه وقومياته وتقاليده وانعكاساته علي الصراع الذي لازم التجربة في سنيّها الماضية وتأثير اسقاطاتها علي مسيرة قوي المعارضة ويعتبر الشيخ حسن سلمان ان أكبر معوق ساهم في القعود بالحركة الاسلامية بشقيها ( الاخواني والسلفي ) هو عجزها وعدم قدرتها في كيفية إدارة التنوع الثقافي والاجتماعي والفكري وتوظيفه لجهة تطوير آليات وأساليب العمل المعارض ويعترف الشيخ حسن سلمان بوجود ما اسماه بـ(ازمة الثقة ) بين مكونات التحالف طيلة المرحلة السابقة ويري ان النظام الحاكم في أسمرا يحاول اللعب علي هذه التناقضات ويحمله في ذات الوقت القسط الاكبر من حالة الاستياء والاحباط التي تسود الساحة الارترية بفعل ممارساته وسلوكه لكنه في ذات الوقت لا يعفي القوي المعارضة من مسئوليتها ولو بقدر يسير في تداعيات وافرزات الواقع الراهن ... الحلقة الثانية من المقابلة التي اجريناها مع رئيس المؤتمر الاسلامي الارتري المعارض الشيخ حسن سلمان خلال زيارته للخليج تبين الكثير من القضايا والتفاصيل فمعا نتابع ...

أجراه : الهادي محمد الامين

 

تحدثتم عن حالة الاحباط التي اصابت الشعب الارتري وكأن مصدرها سياسات النظام فقط دون الاشارة الي وضعية قوي المعارضة ودورها في حالة الاحباط والياس .. برأيكم هل يمكن أعفاء تحالف المعارضة واتهام النظام فقط بانه السبب وراء ذلك ..؟

بشكل عام فان فاعلية اي عملية سياسية تنتج من كونها حراك مشترك بين الطرفين ( الحكومة والمعارضة ) باعتبارهما يمتلكان الاليات والوسائل لتحريك الشارع والتاثير علي مجريات الاحداث وبالتالي شد انتباه الراي والشارع العام وأداؤهما ينعكس سلبا وايجابيا ثم انكماشا وتفاعلا مع الجماهير ... لكن من الواضح ان النظام الحاكم وباعتباره رأس السلطة وظل مسيطرا علي زمام الامور ويمتلك الي حد كبير مفاصل القوة فانه بالضرورة تقع عليه المسئولية بشكل كبير ويتحمل تبعات ما يدور الان في الساحة الارترية فهو نظام قمعي ديكتاتوري خانق عطل العمل بالدستور ومنع قيام الاحزاب والاتيان بالتعددية السياسية والحريات فالتاكيد فان اللوم يقع علي عاتقه فيما يتعلق بحالة الاستياء العامة التي سادت الساحة الارترية .. كذلك لا يمكننا ان نعفي المعارضة بمختلف أطيافها مما يجري حاليا داخل وخارج اريتريا فالشارع كان يتنظر من تحالف المعارضة نقل الحالة في البلاد الي وضع أفضل وظل يعول علي عملية تغيير النظام ولما لم تلوح معالمه في الافق كان الاحباط مسيطرا علي الشعب فلو كانت قوي المعارضة كمنظومة تتحرك بايجابية يبدو شكلها وملامحها أفضل مما هي عليه الان لزالت حالة الاستياء ولو بقدر يسير لان الشعب كان سينظر لذلك من زاوية أخري بان جهودا جبارة مبذولة وجادة لازالة واسقاط النظام لكن قطعا نحن نتصور ان الوضع السياسي الراهن يتحمل النظام القسط الاكبر منه لكونه الحاكم ..

هذا بالطبع يقودنا لمحاولة تقييم قوي ومسيرة التحالف من حيث الكسب والاخفاقات خاصة وان كثرة التحالفات أضعفت من القدرة علي التحرك بشكل قوي وملموس ومؤثر ؟

طبعا يبدو ان التحالفات بشكل عام تعتمد علي القواسم المشتركة والاهداف المتقاربة – علي الاقل – ولو بصورة مرحلية ثم المصير الواحد بين مختلف المكونات ونحن في تقديرنا ان الحالة الارترية ليست استثناء من قدر التحالفات في الساحة علي مستوياتها الاقليمية فيعتريها الضعف والوهن وتمر عليها عاديات الزمان وتظهر فيها التباينات والخلافات وهذا امر طبيعي لكن في تقديرنا ان وضعية التحالف في ارتريا له خصوصية قد لا تكون متوفرة في دولة اخري من حيث وجود تباين عميق وتعدد في الاعراق والثقافة لكنه لم تتح له الفرصة لكي يعبّر عن نفسه بصورة إيجابية أو بناء حالة تشعر الجميع بانهم ممثلين وموجودين وحاضرين في الفعل اليومي والحراك العام وبالتالي لهم تأثير علي مجريات الواقع هذا لم يتوفر ولم يجد حظه من البروز وهذه الحالة ليست وقفا علي التحالف الحالي فقط فقد ظهر ذلك إبان عهد الاستعمار والنضال ضد الاستعمار سواء الغربي الاروبي او الاثيوبي وحتي مرحلة الكفاح كان الخلاف والصراع ظاهرا وبنفس القدر اليوم هناك تجمعات تتكون من عدد من العناصر من ضمنها علي سبيل المثال المكون الوطني بشقيه ( العلمانية كامتداد الجبهة الشعبية او الجبهة الارترية ) والاسلاميون بمختلف طوائفهم وجماعاتهم مثل (الاخوان المسلمين والسلفيين ) بجانب القوي القومية بمجموعتها الاخري .. هذه المكونات قد تتباين وجهات نظرها وقراءاتها للواقع الارتري وللمستقبل الذي يمكن أن تؤل اليه الاوضاع فالقوي العلمانية اليسارية لها منطلقاتها ورؤاها وتصوراتها وعلاقاتها بالقوي الاقليمية المساندة لها كذا الحال بالنسبة للاسلاميين وهذا من شأنه ان يخلق او يبرز حالة التشظي وتعثر في عملية التحالف وتأخر نتائجه كحصيلة لهذا الخلاف ..كذلك ربما اننا حديثي عهد بادارة التحالفات وربما لاول مرة تتاح لنا فرصة للدخول في تحالف فضفاض بهذا الحجم وعموما اننا نحس اننا خطونا خطوات مقدرة تصب في صالح مشروع التغيير وسيظل ذلك تاريخ للاجيال وهي لها الحق في تقييمه لكن في المقابل النجاح والإخفاق لا يقاس بعدد السنوات ولا يمكن إختزال التناقضات وقراءتها بشكل مبتسر خارج سياقها العام بالتاكيد هناك تحركات جادة للملة الاطراف وتقريب وجهات النظر وخلق جبهة عريضة تخرجنا من الحالة الراهنة لوضع أفضل وهذا يمثل تطلعا للجميع ..

ألا تتفق معي ان النزعة القبلية والعنصرية ربما تكون قد أثرت بشكل سلبي علي مسيرة التحالفات ؟

 يصعب ان نتحدث عن منظمومة شاملة وكبيرة ونغفل أو نستبعد الارتباطات القبلية او دورها فيما يجري فالنزعة القبلية موجودة وستظل موجودة والمصالح الضيقة في أي عملية تحالفية حاضرة وهذا أمر لا ينكر ... لكن السؤال المفصلي هو لماذا ومتي تبرز هذه الاشياء ؟ هذا هو المهم في تقديري والاهم هو كيفية قدرتنا في صهر او إدارة هذه النزعات التي تأتي بالنزاعات فاللجوء والتخندق حول القبيلة السبب فيه هو غياب التنظيمات السياسية الراشدة التي تستطيع تجميع التركيبة الاجتماعية وقدرتها في إدارة التنوع بشكل موجب وتوليفة تتقارب حولها الرؤي والثقافات لو وصلنا لهذا الشكل من الوعي فلن تكون هناك لافتات قبيلية نتقاتل حولها وبها فمن الواضح كذلك ان بعض السياسيين او التنظيمات السياسية لعبت دورا في تزكية هذه النزعات وظهور الازمة والحقيقة لو كان هناك إتجاها تجديديا علي مستوي البرامج والمؤسسات والقيادات لما حدث ما حدث فلا شك ان غياب التجديد أختزل القوالب السياسية في اطار اجتماعي ورجعنا للوراء قليلا وهذا بلا شك سيفرز ان لم نقل أفرز واقعا متخلفا فالمطلوب هو حشد الجماهير بمختلف الوانها وطوائفها واتجاهاتها علي صعيد واحد حتي تزول وتذوب تلك الظواهر ...

لكن حتي الاسلاميين لم يسلموا من هذه الجرثومة التي انتقلت لهم رغم ان الشارع العام يتصور انهم يمكن ان يتجاوزا ذلك أو هكذا يجب ان يكونوا ؟

والله نحن أبناء بئتنا ومهما حاول الناس تصويرنا علي غير ذلك فان الواقع سيظل يشدنا ويجرنا ويؤثر فينا مثلما نحن نؤثر فيه .. لكن في تقديري الخطأ جاء من تصور الناس للاسلاميين فالبعض تخيل انه سيكون هناك سمو في الممارسة والواقع العملي يتطابق مع السمو في الاطار النظري نظروا لنا بمثالية وتجاهلوا في نهاية المطاف اننا مصبوغين بواقع اجتماعي وبيئة متخلفة يتداخل معها صراع سياسي يسيطر علي الساحة في ظل ظروف صعبة ومعقدة ...

فعلي مستوي الحركة الاسلامية الارترية مثلا كانت هناك أزمة في إدارة التنوع فنحن كنا خليط ومزيج فكري واجتماعي وسياسي وقبلي فعلي صعيد الفكر والثقافة كانت هناك مدارس ومذاهب فكرية إسلامية ( إخوانية وسلفية وخليط مختلف من عموم المسلمين تدافعوا وتداعوا وتوافدوا من أجل نشدان الاصلاح والتغيير والخروج من المأزق ) كانت لهم أشواق لكن نسينا أننا وبعد تباعد عهد الخلافة الراشدة إجتررنا التراث واستدعينا ه لتكريس الاستبداد عملنا بإرادة او بغيرها علي تغييب الحريات ومعاني العدل بدءا من حركة الجهاد الاسلامي ومرورا بحركة الاصلاح وحتي يومنا هذا وذلك واقع لا نستطيع الهروب منه فشلنا في ادارة التنوع الفكري لم ننجح في تحمل بعضنا بعضا ولم تستطع التنظيمات ذات الجذور الفكرية الواحدة بكياناتها الاجتماعية المختلفة في فترة لاحقة من إذابة هذه الفوارق والتباينات بشكل صحيح فالازمة هنا أزمة ( إدارة ) .. والسؤال هنا كيف ننجح في إدارة التناقضات الاجتماعية المختلفة ؟؟ هنا نحتاج لنوع من الادارة المتقدمة لا أن تختزل الشعب كله في شريحة واحدة  تدعي أنها وحدها صاحبة الحق والقول الفصل أو يرجع لها الفضل دون غيرها والاخرون تبعا لها ... لا بد من تطوير الفقه الحضاري الذي يحارب الاستبداد بتحقيق المشاركة السياسية العادلة وإعمال مبدأ الرقابة الفاعلة لا الصورية وبناء مؤسسات حقيقية  بشكل جيد فإذا فشلنا في ذلك ونحن جماعة دعوة فكيف ننجح فيه ونحن دولة ؟؟

هذا علي مستوي الحركة الاسلامية فكيف تقيم التجربة بينكم وقوي التحالف في اطارها الكلي ؟

حقيقية هنا تظهر وتتجلي أزمة الثقة التي ظلت موجودة بين المكونات المختلفة وهي قضية عميقة وقديمة الجذور علي المدي البعيد فلا حظ للمكون المسلم وغير المسلم من جهة وزد عليه دور النظام الحاكم في تأليب وتكريس هذه الحالة بمزيد من الديكتاتورية محاولا الاستفادة من هذه التناقضات للعب بها فهو يعطي إحساسا للمسلمين – من خلال ممارساته - بانهم من وقع عليهم الظلم بصورة أكثر من غيرهم .. كذلك جذور مشكلة التحالف فالبعض منا كان يريد إدارة التحالف بعقلية إدارته  وتعاطيه مع الحركة الاسلامية مثلا وهذا خلط للاوراق بشكل معيب للغاية كذلك هناك ما يمكن ان نسميه البحث عن ( المصالح الخاصة والشخصية والحزبية )  علي حساب ( المصالح العامة ) ومحاولة تسجيل مكسب سياسي خاص لا حظنا ذلك خلال التجربة أما الاهم من ذلك فهو الخلاف في النظرة للمستقبل وما يمكن ان يؤول إليه تغيير النظام أي حالة وشكل ما بعد التغيير ..

هل يمكن ان نقول ان الخلافات في دول المنطلق وظهور إشكالالتها كانت له إسقاطات علي اوضاعكم بالمعارضة – كالسودان علي سبيل المثال - ؟

علي الاقل فيما يتعلق بالاسلاميين هذا غير وارد وغير موجود نحن كانت لنا استقلاليتنا رغم ان لنا علاقة وطيدة واتصال وتداخل لكن في الغالب ومن خلال تقييمنا للتجربة نجد ان معظم المؤثرات كانت نابعة من الداخل وليس نتيجة لمؤثرات أو إرتباطات خارجية التأثيرات هذه ربما برزت مؤخرا فمثلا علي صعيد اثيوبيا ظهرت فلسفة القوميات كأساس للحكم بالتركيز علي المجموعات العرقية والعدوي بدأت تظهر علي الارتريين قد يكون ذلك نتيجة لرغبة خفية أو نزعة داخلية لاحظنا اندفاع البعض لذلك وهي قطعا حالة مربكة لكنها في الوقت الراهن ليست بالظاهرة المخيفة  إذا حاولنا علاجها وتدراكها ....

 

 
13/11/2010
Print this page.
http://www.al-massar.com