مستقبل الربيع العربي في ظل التحالف الدولي

 

بسم الله الرحمن الرحيم

مستقبل الربيع العربي في ظل التحالف الدولي 

كيف نواجه الثورة المضادة والتحالف الدولي

ورقة د. حسن سلمان

رئيس الأكاديمية العربية للعلوم السياسية – اسطنبول

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين . قال تعالى ( ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ) تواجه الثورة العربية منذ اندلاعها جملة من التحديات الذاتية والموضوعية نجملها فيما يلي ..

التحديات التي تواجه الربيع العربي

أولاً/ التحديات الذاتية:

وتتمثل في حالة التشرذم والاختلاف بين قوى الثورة وغياب المشروع السياسي الواضح الذي تلتقي عليه قوى الثورة وضعف الوعي المطلوب بطبيعة حركة الثورة وفلسفتها وأبعادها ومراميها مما جعل الكثيرين يتصورون أن قوى الإحتلال الدولي يمكن أن تقدم حلاً وبلسماً لمشكلاتنا وأنها يمكن أن تكون حليفاً للثورة مما جعلنا ندخل بصورة غير مباشرة في آليات القوى الدولية في إدارتها لملفاتنا في إطار التبعية والاحتلال وعدم تمكن الشعوب من السيادة والنهضة.

كما أن حالة الكبت والاستبداد أنتجت شعوباً قليلة الخبرة بكافة الشؤون السياسية والإدارية في الدولة مما جعل كثير ممن تولى السلطة في بلدان الربيع العربي غير قادر على الفاعلية السياسية حتى وإن منحت الشرعية القانونية .

ثانياً/ تحديات الثورة المضادة :

تواجه الثورة في كل بلدان الربيع العربي ثورة مضادة تسعى للحفاظ على النظام القديم في نظمه وقوانينه وسياساته ورموزه وعلاقاته , وهذا يشكل من أكبر التحديات التي واجهت وتواجه الثورة العربية وهذا التحدي هو المدخل الطبيعي للقوى الإقليمية والدولية للإبقاء على واقع الاستبداد والتبعية والحيلولة دون بلوغ الثورة لغاياتها القريبة والبعيدة .

ثالثاً/ التحديات الدولية :

الحالة الدولية الراهنة هي نتاج الحرب العالمية الثانية حيث ترتب الوضع الدولي بناءً على سيادة المنتصرين في تلك الحرب وفرصتهم لإدارتهم على الوضع الدولي وتأسيس النظام الدولي على أساس السادة والأتباع ، وأريد لأمتنا أن تكون في وضع التبعية الدائمة وضرب أي مشروع تحرري في المنطقة سواء كان قوميا أو إسلاميا وعليه فإن التعاطي الدولي مع الربيع العربي ينطلق من هذه الزاوية فهو يقبل بالتعديلات الشكلية في إطار المنظومة الدولية القائمة ولا يقبل بأي حال من الأحوال التحرر والانعتاق واستعادة الأمة لسيادتها وعدوة الأمة للريادة من جديد والثورة العربية لم تستكمل أهدافها مالم تعيد صياغة المنظومة الدولية من جديد مما يجعل هذه الأمة حاضرة وشاهدة وفاعلة ، ويتناسب كل ذلك مع حجمها ورسالتها وإمكاناتها البشرية والمادية ، وهذا مما لا يريده السادة الكبار من قوى الاحتلال العالمي وعليه فإن ما يسمى الآن بالتحالف الدولي الجديد ما هو إلا صيغة من صيغ الهيمنة الدولية والحيلولة دون عملية التحرر المنشود والاستفادة في ذلك من الدول الوظيفية في المنطقة.

* كيف نواجه تلك التحديات.

1/ من المسلمات الأولية أن الشعوب ثارت من أجل الحرية والكرامة والسيادة والعدالة الاجتماعية وتحقيق الهوية وإلغاء الاستبداد والتبعية وتحقيق سلطان الأمة على نفسها وسيادتها على مقتدراتها ، وعليه فلا بد من الوعي بهذه الحقيقة وجعلها مدار حركة الثورة ومشروعها .

2/ الثقة التامة في شعوبنا وأنها صاحبة المصلحة في بلوغ الثورة لأهدافها وهي من ضحت ولا تزال بكل ما تملك وهذا يحتم علينا الإدراك بأن مهمة النخب والقادة هو تمكين الأمة وعدم الوصاية عليها من فرد أو حزب أو جماعة مهما كان قال تعالى ( هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين ) وقال تعالى( وأمرهم شورى بينهم )
3/ تحقيق الوحدة والتوافق بين قوى الثورة حول الأهداف الكلية التي سبق ذكرها وصياغة المشروع السياسي المعبر عن ذلك وضرورة التحرك في مواجهة التحديات والأخطار بمفهوم الأمة الواسع وليس بالمفاهيم القطرية والحزبية ، فتحديات الثورة في العالم العربي واحدة وحلقات التأمر مترابطة ولا يمكن المواجهة القطرية أو الحزبية أن تحقق النجاح المطلوب.

4/ نشر الوعي السياسي والثقافي المطلوب في أوساط شعوبنا والوعي بطبيعة الصراع الذي تواجهه الأمة في كافة أقطارها والتأكيد أننا في مواجهة الاستبداد والاحتلال نسلك طرقا شرعية وقانونية ونلتزم بالأبعاد الإنسانية والأخلاقية وندين كل سلوك يخرج عن ذلك مع التأكيد على أن هناك سياسات تتبعها القوى الإقليمية والدولية تسعى لتصوير الثورة بأنها فاشلة وغير قادرة على إدارة الدولة وتحقيق الاستقرار .
5/ طرح المشاركة السياسة بديلاً عن وحدانية التسلط وأن المرحلة الإنتقالية تتطلب مشاركة كافة القوى الثورية وأن مطلوبات الثورة في هذه المرحلة استكمال بناء الدولة ونظامها السياسي بما يعزز الحريات والحقوق العامة ويحقق النهضة والاستقرار والتنمية والوحدة والتكامل بين الشعوب ويحقق التحرر والاستقلال من كل أشكال الاحتلال والتبعية والنفوذ الأجنبي .

6/ التأكيد على أن أكبر شكل من أشكال الإرهاب هو إرهاب الدولة المستبدة التي تقتل شعبها وأن كل شكل من أشكال العنف المضاد ما هو إلا نتاج لإرهاب الدولة وقمعها وربما صناعة من صنائعها ، أليس غريباً أن يكون من فقد الشرعية بقتل شعبه يكون أول المتطلعين للمشاركة في محاربة الإرهاب ليكتسب شرعيةً من خلال ذلك !

7/ رفض التدخل الخارجي مهما كانت المسوغات وأن الحل يكمن في تمكين شعوب الأمة من بناء نظامها السياسي الذي ترتضيه وأنه في حالة استرداد الأمة لسلطانها تتلاشى كافة مظاهر التطرف وبالتالي فإن الأمة ليست بحاجة إلى البوارج العسكرية التي تفسد في أرضها ولا تُصلح .

وصلى الله وسلم على نبينا محمد

 

 
05-09-2014
Print this page.
http://www.al-massar.com