دروس شهر رمضان (الدرس التاسع والعشرون)

الدرس التاسع والعشرون

زكاة الفطر

الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه ، ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين ، وبعد :فإنّ الله قد شرع لكم - أيها المسلمون- في ختام شهر رمضان أن تؤدوا زكاة الفطر ، وهي كما يلي :

زكاة الفطر فريضة على كل مسلم ، فرضها رسول الله  ، وقد قال ابن عمر م: ( فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ ع زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ﴾ رواه الشيخان. ولا يجب إخراجها عن الحمل إلا أن يتطوّع بها المسلم ، كما كان عثمان س يخرجها عن الحمل , ومن كان غير قادرٍ على إخراجها وجبت على من يمونه شرعاً ، لقوله  : ( ممن تمونون ) رواه الدارقطني . وإن أخرجها المسلم عمن يمونهم أجزأت ، حتى وإن كانوا قادرين .

وفي زكاة الفطر إحسانٌ إلى الفقراء ، وتطهير للصائم من اللغو والرفث ، وإظهار شكر نعمة الله بإتمام صيام شهر رمضان ، وقد قال ابن عباس م: ( فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ ع زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ ) رواه أبو داود وابن ماجة (صحيح) .

ويجب أن تُخرج من الطعام (طعام الآدميين) من تمرٍ ، أو برٍّ ، أو أرز ، أو غيرها ، وقد قال أبو سعيد س: ( كُنَّا نُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ع يَوْمَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ وَكَانَ طَعَامَنَا الشَّعِيرُ وَالزَّبِيبُ وَالْأَقِطُ وَالتَّمْرُ ) رواه البخاري . فلا يجزئ إخراجها من غير طعام الآدميين ولا تجزئ إخراج قيمة الطعام ، لقوله  : ( مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ ) رواه الشيخان. 

ومقدار الفطرة : صاع كصاع النبي  ، (أربع حفنات على كفي الإنسان المعتدل) ، وهو يقارب ثلاثة كيلو من الأرز عن الشخص الواحد .

وتجب بغروب الشمس ليلة العيد ، فمن مات قبل الغروب لم تجب فطرته ، وإن مات بعد الغروب وجبت فطرته ، ومن وُلد قبل الغروب وجبت فطرته ، وإن وُلد بعد الغروب لم تجب فطرته .

ووقت دفعها فله وقتان : وقت فضيلة ، ووقت جواز ، فأما وقت الفضيلة فهو يوم العيد قبل خروج الناس إلى الصلاة ، وقد قال أبو سعيد س : ( كُنَّا نُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ع يَوْمَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ ) رواه البخاري. وفي حديث ابن عمر م : ( أَنَّ النَّبِيَّ ع أَمَرَ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ ) رواه الشيخان. وأما وقت الجواز : فهو قبل العيد بيوم أو يومين ، وقد قال نافع : ( فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُعْطِي عَنْ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ حَتَّى إِنْ كَانَ لِيُعْطِي عَنْ بَنِيَّ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُعْطِيهَا الَّذِينَ يَقْبَلُونَهَا وَكَانُوا يُعْطُونَ قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ ) رواه البخاري .

ولا يجوز تأخيرها عن صلاة العيد بلا عذر ، فإن أخّرها بلا عذر لم تُقبل منه ، وفي حديث ابن عباس م: ( من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة و من أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات ) رواه البيهقي (صحيح) .

ويجب دفعها للفقراء في المكان الذي هو فيه وقت إخراجها ، سواء كان محل إقامته أو غيره من بلاد المسلمين، أو كان فقراؤه أشد حاجة .

ويجوز توزيع الفطرة على أكثر من واحد من الفقراء ، ويجوز دفع عدد من الفطر إلى فقيرٍ واحدٍ ، ويجوز لفقيرٍ أخذها أن يدفعها عن نفسه ، أو أحد ممن يعولهم ، إذا قبضها أو قبضها له وكيله.

 
22-06-2017
Print this page.
http://www.al-massar.com