بيـان بمنـاسبـة ذكرى (58) لانطـلاقة الكفـاح المسـلح

بيـان بمنـاسبـة ذكرى (58) لانطـلاقة الكفـاح المسـلح

 

أيها الشعب الإرتري البطل:

ذكرى الفاتح من سبتمبر التي أطلقت فيها أول رصاصة من القائد الرمز البطل حامد إدريس عواتي تعتبر حدثاً تاريخياً مهماً ، وحدثاً سياسياَ كبيراً تم فيه إعلان الكفاح المسلح ضد المستعمر الإثيوبي بعد أن استنفذ الشعب الإرتري كل الوسائل السياسية والدبلوماسية لنيل استقلاله وحريته والذي حالت دونه قوى الاستكبار ، حيث تنادى الأبطال في ثورة مسلحة يقف خلفها شعبٌ أبي ، خاضت حرباً ضروساً قرابة ثلاثة عقود في مواجهة قوة عسكرية غاشمة لا ترعى أي قيم إنسانية ، مارست كل أنواع الحروب القذرة من اعتقالات للشرفاء ، وإبادة جماعية للقرى ، وتسميم للمياه ، وقيادة معارك ضارية في كل أنحاء إرتريا ، استخدمت فيها السلاح الجوي والقنابل العنقودية والنابالم وكل الأسلحة المحرمة دولياً لتحقيق أهدافها الإستعمارية المقيتة من دون حساب ولا رقيب . حيث فقد خلالها الشعب الإرتري أعز ما يملك من الأنفس والممتلكات تحت سياسة الأرض المحروقة التي أتبعها الإستعمار الإثيوبي مما أجبر الشعب الإرتري اللجوء إلى السودان في عام 1967م.

وبالرغم من التضحيات الجسام  التي قدمها الشعب الإرتري في مواجهة المستعمر ، والصبر على التدمير والتخريب الذي طال الأنفس والدواب والموارد الطبيعية من أجل كسر عزيمته ، ورغم قلة النصير وشح الإمكانات وضعف القدرات العسكرية فقد كان يمتلك الشعب الإرتري الإرادة الفولاذية التي مكنته من الاستمرار في ثورته لا ترهبه قوة العدو وبطشه ، ولا توهن قواه وإرادته خذلان النصير ، حتى انتزع بعون الله استقلاله في عام 1991م بعزة وكرامة بعد دحر جيش الاحتلال الذي خرج من إرتريا وهو يجر أذيال الخيبة والهزيمة الشنعاء أدت لهروبه إلى دول الجوار وتسليم نفسه تاركاً وراءه العتاد العسكري الذي كان يبطش به المدنين العزل في إرتريا .

فإن تحرير الأوطان من الاستعمار له طعم خاص ولهذا ابتهج الشعب الإرتري في الداخل والخارج لهذا النصر المبجل ، وودع حقبة المأساة التي طالما تمنى وترقب نهايتها ، وبدأ في رسم تطلعاته لعيش كريم حر، وبناء وطن يسوده الامن والرخاء، يشارك فيه جميع الإرتريين بكل ألوانهم السياسية والاجتماعية في نظام سياسي يُعلي بقيم العدالة والكرامة الانسانية. لكن للأسف خاب هذا الحلم وأصبح سراباً بقيعة ، وارتدت من جديد حالة الاضطهاد والإستبداد لتمارس بصورة أبشع وأشمل ضد الشعب الإرتري من قِبل عصابة إسياس أفورقي التي انتهزت الفرصة ، فمحورت انتصارات الشعب لفرض هيمنتها وبرنامجها الاستبدادي ، وأغلقت الباب دون عودة أبطال الثورة في الخارج ممن يختلفون معها في الرأي. وقامت باعتقال مئات العلماء والأساتذة والسياسيين والإعلاميين في ظروف لا تراعي الحقوق الإنسانية والعدلية ، وما زالوا مجهولي المصير أمواتاً أم أحياء ؟!! مخالفاً بذلك كل الشرائع السماوية والقوانين الوضعية في الإخفاء القسري الذي أصبح منهجية النظام في التعامل مع المخالف. وأصبح المواطن في الداخل عبارة عن سجين في وطنه ممتهن الكرامة على يد عصابة النظام الإجرامية.

 

أيها الشعب الإرتري الباسل:

إن إرتريا التي كانت مضرب المثل في الإباء والبطولة صارت اليوم مثلاً في السوء ، فهي أسوأ دولة في ملفات حقوق الإنسان وحريات التعبير وسوء المعيشة ، الأمر الذي يدعو إلى العمل للتخلص من هذا النظام وإعادة الثورة بكل ما تعنيه هذه المفردة من أجل تحرير الإنسان الإرتري ، وتحقيق الكرامة والعدالة والعيش الكريم ، بتضافر الجهود بين كل الإرتريين وقواه السياسية والمدنية في الداخل والخارج وفي كل الميادين وبكل الوسائل المتاحة لمواجهة هذا النظام وإزاحته ، فلا استقرار ولا تقدم ولا نماء لشعبنا إلا بذلك .

وعندما نتحدث عن ذكرى الفاتح من سبتمبر فإننا نستلهم منها العزة والكرامة والفخر والإعتزاز وتجديد روح المقاومة لاسترداد الحقوق المسلوبة. تمر علينا هذه الذكرى التاريخية الفاتح من سبتمبر هذا العام ومنطقتنا تمر بكثير من التحولات السياسية تستدعي منا أخذ العبر والاستعداد لقيادة التحولات والمتغيرات القادمة في وطننا الحبيب. وبالرغم من التحركات الشعبية المطلبية في الدول المجاورة إلا أن نظام إسياس أفورقي مازال يكابر على شعبه في منح حقوقه المشروعة في العيش الكريم. ونحن على يقين بأن رياح التغيير قادمة بإذن الله لكي ينعم شعبنا بالحرية والانعتاق من الظلم والإضطهاد.

وبهذه المناسبة التي تمثل الإباء والشمم ، والعزة والكرامة نجدد الأمل ،  ونقوي الإرادة ، ونشحذ الهمم للعمل بجهود مشتركة في معركة تحرير الإنسان الإرتري ، لينعم كغيره من شعوب العالم بالأمن والكرامة في بلده .

وتملي ذكرى انطلاقة الكاح المسلح المسئولية الكبرى على القوى السياسية ، وتستوجب عليها أن تتسامى عن خلافاتها الانصرافية، وترتقي بعملها إلى الانشغال بهموم الوطن والمواطن التي تتوحد فيها كل الأطراف ، وأن تطور من آلياتها ووسائلها ، وأن تعزز وتضاعف من جهودها حتى تختصر المسافة وتحقق المأموول منها . 

وللأوطان في دم كل حر   ...   يد سلفت ودين مستحق

 

المكتب التنفيذي

للمؤتمر الإسلامي الإرتري

1/9/2019 

 

 

 
01-09-2019
Print this page.
http://www.al-massar.com