سبب أختياري لهذا الموضوع شعوري بأن دراسة التخطيط الاجتماعي السليم في الدول النامية ومعوقاته يستحق الاهتمام خاصةً وأن مثل هذا الموضوع نحن في حاجة ماسة إليه أكثر من غيرنا كأرتريين نعاني من تخلف في هذا المجال تخلفاً لا نحسد عليه ، ثم إنني بعد أن قرأت كتاب بعنوان (معوقات السياسية الاجتماعية ) شدني وأثار اهتمامي الفصل الرابع من الكتاب وفوراً شرعت في تلخيصه مع أنني أعتقد أن اسم الفصل لو كان بصيغة معوقات التخطيط الاجتماعي لكان أفضل ، وحسب فهمي أن الكاتب يقصد بالسياسة الاجتماعية ، التخطيط الاجتماعي . وكانت محاور الفصل ، العوامل الاقتصادية والعوامل السياسية ، والحفالات ، والعادات والتقاليد ، الدفاع القومي ، العون الانساني ، التغير ، وأهداف المستشار وأهداف المستفيد أي الدول الفقيرة أو النامية وكان وهدفت من هذا العمل يستفيد أخواني خاصة المهتمين منهم في جانب التنمية الاقتصادية ، خاصة نحن مقبلون نحو انعقاد ملتقى الحوار الوطني في أواخر يوليو 2010 فإلى محاور الفصل :
العوامل الاقتصادية :
التخطيط الاجتماعي يتأثر تاثيراً مباشراً بمدى توفر الامكانات الاقتصادية ، فالدول الغنية مثلاً لها تخطيط بمستويات عالية جداً كأن تأخذ مثلاً بنظام التأمين الاجتماعي الشامل وما ذاك الا أن لديها الإمكانات الاقتصادية التي تجعلها تلبي متطلبات التخطيط الذي يناسب اقتصادها ومما يساعدها بالاضافة إلى اقتصادها القوي تساعدها البرامج المصاحبة لذلك نموها الصناعي والتجاري وقدرتها على تشغيل الافراد وزيادة دخل الفرد والعائدات الكبيرة من الضرائب .. الخ ، اما الدول الفقيرة على العكس من ذلك حتى لو وضعت خطة ما قد تفوق خطة الدول الغنية ولكنها في أرض الواقع لا تستطيع تنفيذها نسبة لعدم قدرتها لتوفير الوسائل التي يجب أن تسخدمها لتنفيذ الخطة . ويمكن القول بدون اسهام ومعونة الامكانيات الاقتصادية يظل التخطيط الاجتماعي في مستوى قومي ضرب من الخيال . لذلك يجب على الدول الفقيرة ان تضع تخطيط اجتماعي قوي .
اذا كان الدخل السنوي للفرد لا يتعدى 25 دولار في الدول الفقيرة ، في حين أن الدول الغنية دخل الفرد السنوي يتعدى 800 دولار رغم أن دخل الفرد لا يعني مقياساَ للمستوي الاقتصادي في أي دولة قد تكون الدولة فقيرة ولكن دخل الفرد قد يكون عالياً والعكس هو الصحيح لذا كان لزاما على الدول الفقيرة أن تجابه هذا العجز بالتخطيط السليم للتنمية الاجتماعية وزيادة دخل الفرد السنوي كما هو الحال في الدول المتقدمة .
ويمكن القول أن الهيئات التي تقدم المعونات والمساعدات نجدها تركز على الدول الفقيرة وتساعدها من أجل وضع خطط مناسبة للخروج من بعض أزماتها وهناك عاملين أساسيين لابد من الوقوف عليهما من أجل التعزيز بين الهيئات المانحة والدول المستفيدة أو المؤسسات المستفيدة .
العامل الأول :
أن عدد السكان في العالم يزداد بصورة مخيفة جداً خاصة في الدول الفقيرة ، حيث يكثر فيها الانجاب وتقل فيها الوفيات مع تقهقرها في مجال التنمية الاجتماعية والاقتصادية ، والعكس في الدول الغنية تقل فيها الانجاب وتكثر فيها الوفيات وتنعم باقتصاد ورفاهية اجتماعية مستقرة.
والعامل الثاني :
بسبب الفجوة الكبيرة بين الدول الغنية والدول الفقيرة تجعل الدول النامية تتحرك بسرعة فائقة من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي مما يوقعها بعض الأحيان في مخاطر كبيرة جداً .
العوامل السياسية :
نجد في بعض الأحيان أن السياسة لها تاثير كبير على الادارة ولكن من الدول لا يمكن التميز بينها ، بينما نجد التأثير في دول أخرى يكون سلبياً ولكن في البعض الآخر يكون ايجابياً ، حيث تجد عند تغير أي حكومة سياسية يؤدي ذلك إلى تغير الإداريين تباعاً لذلك وهذا بدوره يؤدي إلى تغير في البرامج المخطط لها مسبقاً وزيادة أو نقصان في الميزانيات المرصودة ، وقد لا تنظر السياسة إلى عامل الكفاءة وتركيزها على الولاء ، ويحدث ذلك إلى نشوب توترات مستمرة بين السياسيين والاداريين . وهذا بدوره يؤدي صراعاً بين الزعماء السياسيين والمخططين الاجتماعيين مما قد يؤخر نمو الدولة ويعيق عمل المنظمات والهيئات المانحة والاستشاريين . وقد لا تؤثر السياسة في كثير من البلدان في عمل الخبراء التخطيطيين بسبب استقرار الوضع السياسي ولكن يمكن القول على العموم التدخل السياسي في مجالات الادارة تدخلاً ذو طبيعة سلبية ويمكن ان يكون ذو طبيعة ايجابية .
العوامل الثقافية :
هناك ثلاث عوامل تؤثر في مجال التخطيط الاجتماعي وتأثيره على الثقافة :
الأولى : من السهل نقل تجربة أي دولة إلى دولة اخري من أجل القضاء على الجهل والانفعال والاهتمامات الشخصية والتطبيقات الغير مألوفة .
الثانية : المغالاة في مجال التغير الثقافي يؤدي ذلك إلى حالة من الشلل أو العجز اذا ما اغفلنا التركيز على الأولويات .
ثالثاً : تفسير البعض أن بعض الاتجاهات البشرية تفسيراً ثقافيا بيد انها نبتت بذورها في ظل العوز المادي أكثر .
وهنا لابد من الاشارة أن بعض الدول النامية اذا ما أرادت أن تضع برنامجا تخطيطياً ناجحاً يجب عليها أن تطرح جانباً بعض المعتقدات والعادات التي ثبت أنها ضارة وتافهة ، فبعض المعتقدات والنظم التقليدية تكون أحياناً معوقاً للتقدم الاجتماعي وأحياناً اخرى اذا ما كانت ايجابية تمنحها الفرصة للتغيير . فنجد من العادات الضارة والتي كانت سائدة ومازالت في بعض من الدول النامية أن القابلة هي التي تساعد في عملية الوضع ، وأن الحلاق والأدوية العشبية هما المسيطران في علاج كثير من الأمراض وأن السلطة هي حكر على كبار السن في الأسرة والجماعة أو القبيلة ، وظل الوضع الاقتصادي للمرأة رهن الرجل وما يزال حتى الآن في كثير من بلدان العالم .
وقد يكون نسق الاسرة الممتدة أي عبر القرون من العوامل المقيدة للتخطيط الاجتماعي ، فولاء الفرد لاسرته وتقديمه مصالح الاسرة على مصالحه الشخصية والقومية قد تكون له عواقب وخيمة على التخطيط الاجتماعي ، اذا كان لا يستطيع أن يختار بنفسه عمله وشريكة حياته ونوع التعليم أو التربية له ولاولاده ، أما المرأة فقيودها كثيرة ومتنوعة . ولا بد من بذل جهود كبيرة من أجل أن تكون الاسرة اداة في مجال تنمية التخطيط الاجتماعي . وهناك مشكلات برزت عند التخطيط في مواجهة الاسرة الممتدة وعندما اعتبرت أن الاسرة الممتدة أنها تعيق عملية التخطيط في تعليم الطفل ومقابلة احتياجاته فاعتبر ذلك تدخلاً في شئون الأسرة وتفتيتاً لوحدتها ومجابهتها للمخاطر التي تحدق بها خاصة الأباء عند الكبر .
الحفلات :
الحفلات والضيافة سواء كانت فردية أو حكومية أو مؤسسية تعد هذه الضيافات والحفلات قهرية لا مفر منها ، ويمكن القول أن الاحتفالات والضيافات في الدول النامية كبيرة جداً مقارنة بالحالة الاقتصادية ، فالعادات والتقاليد تلزم الضيافة في أي مدينة سافر إلى أهل القرية أو الاسرة والقبيلة تبقى ملزمة على الأقارب ، دون النظر على التكاليف التي يمكن أن تعرض الفرد أو الاسرة المضيفة مما تضطر إلى الاستدانة وهذا يكون على حساب التعليم والعلاج والوظيفة .
كذلك الهدايا والمساعدات شيء ظاهر ومقبول ولكن أحياناً يكون ذا نتيجة سلبية خاصة على الاسرة الفقيرة حيث يتطلب ذلك رد الهدية أو المساعدة في الزواج ومراسمه الضارة كارتفاع مهور الزواج مما يلجأ أحياناً رب الأسرة أو الزوج إلى الدين وتصير أمراً ثقيلاً عليهما ، فهناك آلاف من الأسر يقضي أفرادها حياتهم يسددون ديوناً كبيرة كانت نتجية لتكاليف الزواج مما يسهم في زيادة فقرهم ، وهذا يحدث أثراً خطيرا في مجال التنمية الاجتماعية في محيط الاسرة والاسرة جزء من المجتمع وبالتالي تؤثر في التخطيط الاجتماعي .
ونجد الاحتفالات سواء كانت دينية أو رسمية مما يكلف الدول النامية الشيء الكثير حيث تتطلب البعض من الاحتفالات بناء مسارح واستادات وانفاق المال الكثير في حين المدارس والمستشفيات والتخطيط الاجتماعي في شتى المجالات لا يجد تمويلاً من الدولة المنفقة بطريقة فيها نوع من البزخ لاحتفالاتها أو أعيادها الوطنية كانت أم غيرها، ويمكن القول أن البزخ في مثل هذه المناسبات لا يعني أن الدولة المعنية هذا هو الطريق الذي ينقل الدولة من الفقر إلى الغني ، ولن يكون التخطيط السليم للخروج من ازماتها الاجتماعية . وكذلك تعد العطلات الرسمية وكثرتها في بعض الأحيان من المؤثرات الخطيرة على العمل الانتاجي الفعال .
العادة والتغير :
وهنا في هذا المجال إلى أي مدى تتقبل العادات والتقاليد إلى مستوى التطبيقات الجديدة في مجال التخطيط الاجتماعي للتغير ، وهل الاسلام بعاداته وتقاليده يتقبل هذا المنحى أم يشجعه وهل هذه التعاليم الاسلامية القرآنية كانت أم الحديثية تشجع مثل هذا التغير نحو الأفضل في المجال الاجتماعي .
ويمكن القول أننا في حاجة إلى معرفة المزيد عن مكونات المعتقدات الدينية وموقفها من التغير، والواقع استجابة المجتمعات التقليدية ، للتخطيط الاجتماعي ذا مقاومة عالية جداً، خاصة في المجتمعات الاسلامية لأن المخططين الاجتماعيين لا يراعون الثوابت الاسلامية والتي لا مجال لمناقشتها ، اذا ما كانت تصطدم مع المعتقدات.
الدفاع القومي :
لابد من وضع أوليات في الحياة الاجتماعية وتقديم الأهم ثم الأهم والتوازن بين متطلبات الدفاع والحياة الاساسية وعدم الانجرار إلى الدعاية والتخيف وتكهنات الجهال في مجال الدفاع والخطر المحيط بالدولة من اجل أن تهتم الدولة بالبندقية أكثر من اهتمامها بالتعليم والصحة والغذاء والصناعة والتجارة .. الخ ، في كثير من بلدان العالم الآن سواء كانت دولة متقدمة أو نامية فإن حجم ميزانيتها العسكرية لا تخضع للنقاش والتدقيق أو التحليل الموضوعي ، ويمكن القول أن الممارسة الحالية في الانفاق على الشئون العسكرية سواء كان ذلك من أجل الحرب أو من أجل احتمالات نشوب الحرب أو الأمن القومي والشعور بالعزة القومية وما الى ذلك يعتبر دوراً محطماً للآمال المعقودة في تنفيذ كثير من الخطط القوية والموضوعية من أجل التنمية الاجتماعية .
العون الدولي :
يعد نمو العون المقدم من الدول المتقدمة إلى الدول النامية يعد من الأحداث الهامة حيث أنه في ازدياد مستمر ، ولقد اصبحث صور العون المختلفة – المنح المالية ، والسلف ، والمواد الغذائية ، والخدمات الاستشارية ، والمنح الدراسية ، وبدلات السفر ، بالنسبة لبلدان كثيرة مختلفة عنصرا هاما لا غنى في تنميتهم القومية ، ويرتبط تقديم العون غالباً بمدى الأخذ بخطط التنمية كشرط أساسي للحصول عليه .
ومشكلات العون التي تحظى به بعض البلاد المتخلفة أنه لا يظهر اثره على الفور إلا بعد مضي عدة اعوام مما يشكك في قيمة العون وأثره لدي البعض . والمشكلة الثانية أنه لا يوجد معيار يمكن القول أن الدول المعنية الآن يمكن أن يحق لها أن تطلب العون الدولي من أجل مساعدتها لمجابهة احتياجاتها في التنمية الاجتماعية، وأن اغلب المؤسسات تقدم العون لها مقاييس خاصة بها في هذا الشأن .
اهتمامات الجهات المانحة والمستفيدة :
رغم أن اهداف العون الدولي تعتبر من الأمور الفاعلة في مساعدة الدول النامية لمجابهتها العوز الذي يحيط بها في أكثر من مجال انساني ولكن رغم ذلك يمكن أن نطرح التساؤلات التالية : هل يمكن اعتبار مقدمي العون من المحددات في سياسة الدول النامية ؟ وما هي مخاطر التدخل في القرارات في الدول النامية ؟ الي أي مدى يمكن التوفيق بين سياسة المانح والمستفيد ؟ وهل الدول المستفيدة ترى نفس الهدف التي من أجلها قدمت الدول أو الجهة المانحة أم تختلف في أهداف كل من الجانبين ؟ وهنا لابد من أن تكون برامج الدول الفقيرة واضحة ومقنعة بالنسبة للجهات المانحة ؟ وذلك حتى لا تنشأ بعد ذلك خلافات لابد أن تتصف الجهات المانحة أيضاً بالشفافية والفكرة القوية .. الخ ، وأن تكون البرامج في حد ذاتها موضوعية ومدروسة دراسة تامة .
المستشار الدولي :
يتصف المستشار الدولي بميوله إلى التطبيقات والخطط التي مرت عليه وخاصة إلى التطبيقات في مؤسسته ودولته ، وهنا يبرز سؤال مهم إلى أي مدى يعمل المستشار بصدق وأمانة وكفاءة عالية في دراسة الدولة التي طلبت منه المشورة من أجل وضع خطة مناسبة حسب العوامل المحيطة بها ، ويمكن القول أن بين كل ثلاثة مستشار يكون ناجحاً في بيئة غير بيئته ودولة غير دولته ، وقد يرى المستشار على الدول النامية أن تأخذ بتجربته وتطبيق الخطة التي مرت عليه سواء كانت في دولته أو في أي دولة أخرى نجحت إلي حد ما ، وقد تؤدي تلك الاستراتيجية إلى نتائج طيبة وقد لا تؤدي إلى النتائج المرجوة منها خاصة اذا لم يستصحب ويدرس كافة الاحتمالات تجاه الخطة التي وضعها في الدولة المعنية . ووضع خطط غير واقعية وفرض اطارات تخطيطية غير مناسبة كل ذلك يؤدي إلى مخاطر جمة .
ومشكلة أخرى يمكن أن تواجه المستشار مع مرور الزمن وهو الشعور باليأس اذا وضع خطة معينة ولم ير ثمارها بسبب عوائق كثيرة منها ادارية أو سياسية أو مالية تعوق في انجاح خطته مما يدخل في حالة من اليأس ولكن من الصفات الهامة التي يجب أن يتصف بها المستشار أن يكون مرناً وصبوراً ويعلم أن ما عليه هو المحاولة فقط ولكن النجاح هو من الله سبحانه وتعالى .
وعلى العموم فالمستشارون مختلفون في صفاتهم قد تجد مستشار ذو شخصية ضعيفة لا يستطيع أن يقنع الأخرين بمتطلبات الدراسة أو الخطة وقد يكون ناجح وصبور ويتمتع بشخصية قوية .. الخ .