يوم غد الجمعة 26 يونيو هو موعد التظاهرة الكبرى في جنيف التي ينظمها إخواننا وشبابنا في سويسرا تأييدا للنتائج التي خرجت بها لجنة الأمم المتحدة في تقصيها لانتهاكات حقوق الإنسان الإرتري ، بهذه المناسبة يسعدنا أن نشيد بمبادرات المنظمين لهذه المظاهرة والمظاهرات التي سبقتها ، كما نشيد باتصالاتهم ولقاءاتهم مع مسئولين سياسيين وصناع قرار في سويسرا وغيرها ، ومد الجهات المعنية بحقوق الإنسان بالمعلومات والبيانات التي تصل بها إلى القناعة بوجود معاناة إنسانية للإرتريين يجب أن يتم تقصيها ومعرفة حجمها وأخطارها وآثارها .
من هنا نشأ الاهتمام بملف انتهاكات حقوق الإنسان الإرتري منذ أكثر من ثلاثة أعوام ، وأصبح هذا الملف اليوم من الملفات التي تحظى بالنقاش الجاد والنظر في الطرق المؤاتية لإنهائها والحد من استمرارها ، وقد فرض ملف حقوق الإنسان الإرتري نفسه بعد أن سجل الهاربون من إرتريا ظاهرة متنامية وبأعداد مهولة بشكل يومي عبر دول الجوار لأكثر من خمس سنوات وما زالت تتزايد بصورة تبعث للقلق وتنذر بخواء دولة إرتريا من مواطنيها خاصة العنصر الشبابي ، كما أن حالات الغرق للمتسللين إلى أوروبا على البحر الأبيض المتوسط سجل فيها الإرتريون نسبة كبيرة ، وقد كان ذلك أمراً لافتا ومثيراً لدى المتابعين لحقوق الإنسان ، مما دعا إلى ضرورة التعرف على الأسباب الحقيقية التي تجعل هؤلاء الشباب يغامرون بحياتهم في مسيرة محفوفة بالابتزاز والتعذيب من عصابات الاتجار بالبشر ، وخوض عباب الأمواج المتلاطمة حتى ولو كانت فرص السلامة شبه معدومة ، شعارهم : ( الموت أكرم من البقاء في بلد لا يجد فيه نفسه كإنسان ) .
إن هجرة الإرتريين غريبة مقارنة بالهجرات الأخرى التي تشهدها سوريا والصومال والعراق ... من البلدان التي تدور فيها حروبا طاحنة ، فإرتريا لا حرب فيها لكن درجة انتهاكات حقوق الإنسان فاقت الاحتمال وصارت معاناة إنسانها أكبر من معاناة الحرب التي تدمر البيوت وتقتل الأطفال والنساء وتشرد فيه الملايين .
من خلال ركوب الهاربين الإرتريين المخاطر المتنوعة ، وتعرضهم للكوارث الفظيعة ، أكدوا للعالم أن في إرتريا جريمة إنسانية ليس لها مثيل في عالم اليوم ، لا يمكن تجاهلها والتغاضي عنها ، وضعوا قضيتهم في المحك الأخلاقي لمن يعملون في حماية حقوق الإنسان ، هذه خطوة كبيرة جاءت على أشلاء شباب طمح بحياة إنسانية كريمة ، يجب أن ندعمها نحن الإرتريين وفي مقدمتهم القوى السياسية والمدنية بكل ما أوتينا من إمكانات وقدرات ووسائل ، نعمل على تعزيزها والدفع بها لتصل إلى مراحل تتخذ فيها إجراءات أممية تعاقب النظام الإرتري على جرائمه الإنسانية التي اقترفها بحق هؤلاء الأبرياء والذين يقبعون تحت نيره وسطوته ، وتؤمن لهم الحياة الكريمة في بلدهم ، وتحد من سيل الهروب الذي يتواصل بصورة مرعبة وخطيرة .
وفي هذا السياق فإننا نقدم هذه المقترحات التي تعزز الجهود المبذولة والنتائج المتحققة في ملف تقصي انتهاكات حقوق الإنسان الإرتري :
§ المشاركة الحاشدة في مظاهرة يوم غد في جنيف ، وهذه تتوجب عينا على كل الإرتريين الموجودين في سويسرا والبلدان المجاورة لها ، فالحشد البشري أمام مقر منظمة حقوق الإنسان يدعم تقرير ونتائج لجنة تقصي انتهاكات حقوق الإنسان في إرتريا ، ويدفع المنظمة لبذل المزيد من الجهود لإيقاف معاناة الإنسان الإرتري.
§ الاهتمام بالتغطية الإعلامية لهذه التظاهرة ، ومرابطة كل وسائل الإعلام الإرتري الخاصة والعامة ( مواقع الويب ، صفحات التواصل الاجتماعي ، الإذاعات ، التلفزيونات ... ) لتغطية هذا الحدث ، لنجعل منه ثورة إعلامية يلامسها الإرتريون أفرادا وجماعات عبر وسائل الاتصالات الشخصية والعامة ، كما يشهدها ويسمع بها الرأي العالمي .
§ الاتصال بالقنوات الفضائية المتعاونة لتغطية التظاهرة ، وعرض أهدافها وحجم المعاناة الإنسانية في دولة إرتريا.
§ توزيع النشرات والإحصاءات التي تعكس حجم انتهاكات حقوق الإنسان وتوزيعها على نطاق واسع ، خاصة المراكز الحقوقية والإعلامية .
§ جعل هذه التظاهرة محطة هامة للانتقال إلى انتهاج أساليب وأدوار إضافية أكثر تنظيما لإدارة ملف انتهاكات حقوق الإنسان الإرتري المختلفة ( المعتقلين ، قانون الخدمة ، حرية التعبير ، حرية التدين ، رفع الدعاوى القضائية ضد النظام ، التعويضات ، .... ).
§ مطالبة الدول الأوروبية بالعمل على تهيئة الأوضاع في إرتريا بما يؤدي إلى استقرار الشباب وعدم اللجوء إلى الهروب ، ومطالبتهم باستقبال الهاربين وتوفير الحماية لهم مراعاة لمعاناتهم .
§ متابعة وملاحقة مجرمي الاتجار بالبشر والمهربين ، واتخاذ العقوبات المشددة والرادعة لهم من ممارسة هذه الجريمة الشنعاء .
§ توفير الحماية للهاربين في دول الجوار ، وتهيئة معسكرات الإيواء بكل مقومات الحياة الكريمة من تعليم وصحة وغذاء وسكن ، وحمايتهم أمنيا من ملاحقة النظام لهم ومن عصابات الاتجار بالبشر .
نأمل أن نكون على قدر قضيتنا فعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم ، وأن ننتقل من مرحلة العجز إلى مرحلة الفعل والعمل ، فلا تتحقق الآمال بالتمني وإنما بالعمل الجاد والتضحية المستمرة ، فلنخلص أنفسنا من مرض العجز والوهن ، فالعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني.
لنجعل من تظاهرة جنيف بداية قوية لإعادة كرامة الإنسان الإرتري التي عبث بها النظام وأهانها .
عبد القادر حامد
Abdu0995@yahoo.com