المجلس الوطني الإرتري ومؤتمره الثاني إلى أين ؟
بقلم: أبوالحارث المهاجر
ونحن في اعتاب عقد المؤتمر الثاني للمجلس الوطني للتغيير الديمقراطي الذي يعلق عليه الكثير آمال كبيرة للتحول المنشود وتحريك الوضع الإرتري ، ما زال عقد المؤتمر الثاني للمجلس الوطني يمر بمنعطفات متعرجة ، جزء منها ذاتي لقوى المعارضة ، والجزء الثاني يتعلق بدولة المقر.
الجميع يعرف تشرزم قوى المعارضة وانشطاراتها فيما بينها حيال عقد المؤتمر الثاني للمجلس ، فلماذا هذا الانقسام ؟ هل واقع الوطن والظروف المعيشية للمواطن يسمح بهذا السجال الذي نشاهده بين المعارضة ؟ هل الخلافات والمآرب الشخصية هي التي تطغى على المشهد دون النظر لما يتعرض له الوطن والمواطن على يد إسياس وزمرته ؟ إلى أين يتجه انعقاد المؤتمر الثاني للمجلس الوطني الإرتري ؟
في الواقع لامست يأساً شديداً من عدد ليس بالقليل من السياسيين والناشطين على الأوضاع الراهنة لقوى المعارضة الإرترية ، بل ذهب البعض الى القول بإلغاء المعارضة الإرترية وإنشاء معارضة جديدة أكثر راديكليةً من الحالية. فهل نحن نعاني من الفاعلية في الأداء أم الراديكالية السياسية ؟
في تقديري المتواضع الفاعلية والانكماش في الأداء هو مسؤوليتنا جميعاً (القوى السياسية والمدنية والناشطين وغيرهم ). وفي المشهد الحالي نجد انقساماً واضحاً في القوى السياسية بين من يطالب بعقد المؤتمر بمن حضر ومجموعة اخرى تقدم رجلاً وتأخر اخرى ، والاكثرية الجماهيرية تنتظر بشغف وفي حالة ترقب للمآلات. مطلوب من القوى السياسية ان تحسم امرها عاجلاً غير آجل لصالح عقد المؤتمر بجميع الكتل بدون اقصاء او انسحابات يتسبب في فشل المؤتمر لا سمح الله ، أو يفتح الأبواب للأسئلة والتكهنات.
وهناك تحليلات للبعض تقول إن عقد المؤتمر الثاني بدون مجموعة 5+1 سوف يرسل رسالة إلى إثيوبيا مفادها ان غالبية الحضور هم من المسلمين ، وبالتالي فإن إثيوبيا سوف لن تتفاعل معه بالدعم المادي والمعنوي ، وسوف يتم تجفيف المنابع السياسية ومحاصرته ووأده في مهده. وذلك لأن اثيوبيا دولة كنسية يهمها مصالحها الاستراتيجية وتتعامل مع المعارضة بتيكتيكات آنية. وتردد إثيوبيا في الموافقة النهائية لعقد المؤتمر على أراضيها خير دليل وربما ترفض الموافقة على عقده في أراضيها!! ولكن السؤال إلى متى سوف نظل ندور في دائرة مفرغة ، ويختزل مسير الوطن المزاجية الشخصية أو التنظيمية بالقبول أو الرفض ؟ فإذا رفضت إثيوبيا عقد المؤتمر الثاني في أراضيها فهل أعددنا المكان البديل ؟ هل لدينا أفقاً ومقدرة ومرونة للتعاطي مع المستجدات والسيناريوهات المحتملة؟
بالرغم من الضعف الذي تمر به المعارضة الإرترية والضغوط التي تمارس ضدها من قبِل إثيوبيا (دولة المقر) ومحاولة فرض رؤيتها أو أجندتها إلا أن غالبية القوى السياسية والمدنية تدرك ما يحاك ضدها وسوف لن تمرر أي شيء على البياض !!
وهنا لا بد أن نستذكر تاريخ الأمم في حالات الضعف والقوى والمتغيرات التي تصاحب في فترة الصراعات والازمات حتى نستنهض الهمم ونستخلص العبر، فإذا وقفنا مع الآيات التي نزَلتْ بعد وقائع غزوة أحُدٍ حينما أشتد القتلُ والجِراح على الصحابة، حتى أصاب كلَّ امرئ منهم اليأسُ كما أصاب الكثير منا في هذه الأيام نتيجة الصراعات الداخلية بين قوى المعارضة الإرترية من جانب والحكومة الإثيوبية، فأنزل الله - عزَّ وجلَّ ﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: 139]، نزلتْ هذه الآيات تخفيفًا على المسلمين مما نزَل بهم، وطلبًا منهم ألاَّ يستَسلِموا للضعف والهزيمة، ولا يَيأَسوا من نصر الله، بل عليهم أنْ يُواجِهوا الموقف بقوَّةٍ وصلابة ورباطة جأش. والمطلوب منا ان نجمع الصفوف (جميع القوى السياسية والمدنية ومجموعة 5+1 ومدرخ) بدون ممارسة الاقصاء على بعضنا كما يمارسه إسياس علينا اليوم وبذلك سوف ننتصر والنصر صبر ساعة!!
بدل ان نمارس المكايدات السياسية على بعضنا ننظر على عدد القتلى والجرحى من الطلاب في يوم الأحد الدامي في أسمرا ، والمحاكمات الميدانية في مدينة تسني للمجندين في الأسبوع الماضي . مطلوب ان نضع في نصب أعيننا المخاطر التي يتعرض لها المواطن الإرتري في أرض الوطن من التضييق والقتل والسجن والإذلال اليومي، ومن أجلهم نتنازل عن الحظوظ الشخصية والحزبية.
جميع القوى السياسية والمدنية بدون استثناء والمجتمع الارتري جميعاً في سفينة واحدة كما قال صل الله عليه وسلم: (مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا؛ كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ, فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا, وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا, فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِن الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ, فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا, فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا, وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا).
ومن روعة التمثيل تمثيل المجتمع بالسفينة العائمة في خِضَمٍّ واسع عميق عرضَة للأعاصير الهوجاء، والأمواج المتلاطمة المتدافعة.
وما أدق التمثيل وأروعه!! فالمجتمع في الحقيقة عرضة للتأثر باختلاف الأهواء والأغراض، وتباين النزعات والاتجاهات، واصطراع الأفكار والآراء، وأي تفريط من أهلها يؤدي بالسفينة إلى الغرق والغوص في متاهات الأعماق، وكذلك المجتمع قإن أي خطأ في الحساب والتقدير أو إفراط أو تفريط في التصرُّف؛ قد يؤدي به إلى الهلاك والانحطاط والذل والتخلف أحقابًا من الزمان.
هذا إلى ما في التمثيل بالسفينة من بيان الحساسية البالغة، وحتمية التأثر بما يجري حولها، وفوقها، وفيها.وكذلك مثّل أفراد المجتمع برُكَّاب السفينة، وربط حياتهم ببقائها، وهلاكهم بهلاكها؛ ولِـهَذا من التأثير النفسي ما له في الحفاظ عليها، والتضحية بكل شيء في سبيل سلامتها ، ومن ذا الذي لا يرغب في الحياة ولا يكره الهلاك؟! فكما أن ركاب السفينة يحرصون على سلامتها؛ لارتباط حياتهم بحياتها وسيرها؛ فكذلك أفراد المجتمع من القوى السياسية والمدنية يجب أن يحرصوا على مجتمعهم حرصَهم على حياتِهم. فهل نحن كذلك ؟
يُفهم من ذلك بأن قوى المعارضة الإرترية بمختلف مسمياتها وألوان طيفها مطلوب منها ان تضع قضية ومسير الوطن والمواطن في سلم أولوياتها وتقدم التنازلات على مواقفها الشخصية والحزبية من أجل الوطن والمواطن والجميع في سفينة واحدة وربما بتعنت شخص واحد أو تنظيم يحدث الغرق للوطن لا سمح الله !!
والله من وراء القصد