بسم الله الرحمن الرحيم
الحج دروس وعبر
الدكتور : حسن محمد سلمان .
أولاً: تعريف الحج ومشروعيته :
الحج لغة القصد ، وشرعاً هو القصد الى بيت الله الحرام بنية التعبد لله تعالى في الأشهر الحرم لأداء الركن الخامس في الإسلام ، وهو مكتوب بالكتاب والسنة وإجماع الأمة قال الله تعالى : } وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً{ سورة آل عمران الآية 97 ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( بني الإسلام على خمس ....... وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً) ، كما اجمعت الأمة على أن الحج ركن من أركان الإسلام ، ومن جحده فهو كافر بالإجماع .
ثانياً: أهم الدروس والعبر في الحج :
- تحقيق التوحيد ونبذ الشرك :
وهو من أهم الدروس العظيمة التي تتخلل الحج في كل أحكامه، وهو الأساس الأول لبناء البيت الحرام ، قال تعالى: { وَإِذْ بَوَّأْنَا لإبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ } سورة الحج الآية 26 ، وقال تعالى} وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ{35} رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ{36} رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ{37} سورة إبراهيم الآية (35—37) ، ومن تأمل الأحكام وجد التوحيد متجسداً في كل المواقف فمثلاً:
¨ التلبية ودلالات التوحيد (لبيك لاشريك لك).
¨ قراءة الإخلاص والكافرون في ركعتي الطواف.
¨ التهليل عند صعود الصفا والمروة في السعي.
¨ الأدعية في عرفات ومزدلفة وكافة المناسك .
ومن قضية التوحيد تتشكل الفكرة المركزية الجامعة لهذه الحشود لتقف في مشهد واحد وعلى صعيد واحد، وما أحوج الأمة إلى الفكرة المركزية التي تتمحور حولها حتى يعود لها مجدها وذكرها.
- تحقيق التسليم والإنقياد:
قال تعالى : {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } سورة البقرة الآية (128) ، إن من أهم وأعظم الدروس التي يستفيدها المكلف من المناسك في الحج درس التسليم والانقياد لكثير من الأمور التي ربما لا يعلم حكمتها أو المقصود منها ، لكن يأخذها على سبيل تنفيذ الأمر الشرعي، حتى ولو خفيت الحكمة منها، وهنا نقف على مقولة عمر بن الخطاب وهو يقبل الحجر الأسود ويقول: ( إنى أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ماقبلتك ) ، ويقول ابن حجر رحمه الله في قول عمر : ( وفي قول عمر هذا التسليم للشارع في أمور الدين، وحسن الإتباع فيما لم يكشف عن معانيها، وهو قاعدة عظيمة في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم فيما يفعله ولو لم يعلم الحكمة فيه) فتح الباري (3/463) ، ويقول الإمام اسماعيل الأصفهاني رحمه الله: ( ومن مذهب أهل السنة : أن كل ما سمعه المرء من الآثار مما لم يبلغه عقله فعليه التسليم والتصديق والتفويض والرضا، لا يتصرف في شيء منها برأيه وهواه ) الحجة في بيان المحجة (2/435) ، ويقول ابن القيم في قاعدة التسليم : ( إن مبنى العبودية والإيمان بالله وكتبه ورسله على التسليم ، وعدم الأسئلة عن تفاصيل الحكمة في الأوامر والنواهي والشرائع....) الصواعق (4/ 1560—1561) ، والقاعدة في عموم العبادات التسليم والتوقف دون الخوض في العلل والحكم ، على خلاف المعاملات بالرغم من أن كثير من العبادات معلومة الحكم والعلل ، وممن ذهب إلى ذلك ابن القيم ، وركنا العبادة هما:
- غاية المحبة .
- غاية الذل والخضوع والانقياد.
ويقول تعالى: }فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً } سورة النساء الآية (65) ، وقال تعالى في وسط أحكام الحج }فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ } سورة الحج الآية (34).
- تعظيم الشعائر والحرمات :
ومن دروس الحج ومقاصده الهامة تعظيم الشعائر والحرمات تنفيذاً لأمر الله تعالى ، ويبدأ ذلك بمجرد الدخول في الإحرام حيث يحرم الحاج على نفسه كل ما كان حلالاً عليه قبل الإحرام من طيبٍ وحلقٍ ونساءٍ وصيدٍ وغير ذلك من المحظورات.
كما أن الحاج يقبل على الحج وهو معظماً لنداء الرحمن بالاتجاه إلى بيته الحرام، والتحرك في كافة المناسك ذاكراً لله شاكراً له، قال تعالى بعد أن ذكر بعض أعمال الحج :} ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ{ سورة الحج الآية (30) ، وقال أيضاً : } ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تقْوَى الْقُلُوبِ } سورة الحج الآية (32) . فالحرمات عند الحاج معظمة لشرف المكان والزمان ، والشعائر أجرها مضاعف كذلك ، ويقول ابن القيم : ( وروح العبادة هو الإجلال والمحبة فإذا تخلى أحدهما عن الآخر فسدت ) المدراج (1/495) .
- تحقيق محبة النبي صلى الله عليه وسلم :
إن تحقيق محبة الله تعالى لا تتحقق على وجهها المشروع إلا باتباع النبي صلى الله عليه وسلم وفي ذلك يقول الله تعالى : }قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } سورة آل عمران الآية (31) ، ولم يعلم المسلمون كيفية الحج على التفصيل إلا من خلال حجة النبي صلى الله عليه وسلم التي قال فيها (خذوا عني مناسككم )، فمن أخذ بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحج فقد أخذ بحظ وافر وحقق المتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم وبذلك يحقق محبته عليه الصلاة والسلام ، حيث المحبة أمر قلبي والدلائل عليها الأعمال الظاهرة.
قال الشاعر :
تعصي الإله وأنت تظهر حبه هذا لعمري في القياس شنيع
إن كان حبك صادقاً لأطعتـه إن المحب لمن يحب مطيـع
- الحج ذكرى بالمصير :
ومن الدروس المستفادة من سفر الحج والاستعداد له ، سفر الآخرة وما يحتاجه من الزاد، وهو ما نلمسه من الوهلة الأولى التي يفارق فيها أهله ، ويودع اصحابه ، ويجرد نفسه من هموم الدنيا ، مقبلاً بكليته إلى الله قاصداً بيته الحرام ، فيخلع ثيابه العادية ، ويلبس ثياباً جديدة أشبه ما تكون بالكفن، ثم يدخل في التلبية كأنه خرج من القبر ملبياً نداء ربه في أرض المحشر، ويظهر الموقف العظيم يوم عرفة حيث يحشر الناس جميعاً في مكانٍ واحدٍ ، وفي لباس واحد وفي زمان واحد، يدعون رباً واحداً ، وهنا مظهر عظيم يباهي الله بعباده الملائكة.
وهنا تبرز قيمة قوله عليه السلام : (الحج عرفة)، وموقف عرفة والانتظار فيه يذكر بالموقف العظيم الذي تدنوا فيه الشمس من الرؤوس ، وينتظر فيها الخلائق الانفضاض، ويبحثون فيه عن الشفعاء فلا يجدون إلا محمداً صلى الله عليه وسلم ، وكأن لحظة الإفاضة من عرفة هي لحظة الانفضاض من الموقف العظيم ، فلله ما أعظم هذا الموقف عبرة وعظة، وأعظم زاد في هذه المسيرة هو زاد التقوى ، قال تعالى : }وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ } سورة البقرة الآية 197 .
- تحقيق الأخوة الإيمانية والوحدة الجامعة بين المؤمنين :
إن شعيرة الحج من أعظم ما يحقق الأخوة الإيمانية ، حيث تتلاشى كافة الفوارق العرقية والإقليمية واللغوية والطبقية والوظيفية ، ويقف الناس جميعاً العرب والعجم ، والأغنياء والفقراء ، على صعيد واحد ، بأحكام واحدة تسري على الجميع ، وهنا نستعيد ذكرى خطبة النبي صلى الله عليه وسلم التي أعلن فيها المساواة الإنسانية وإنهاء الفوراق الجاهلية ؛ ليجعل من التقوى فقط معيار المفاضلة، ويجعل من إرداف اسامة ابن زيد نموذجاً لهذه المساواة ، فلما أهدى إليه أحد الزعماء بردته الخاصة أهداها النبي صلى الله عليه وسلم على رؤوس الأشهاد لأسامة ، مما دل على المساواة الكاملة بين كافة البشرية ، وكان ذلك العام عاماً للحرية والتحرير للعبيد ، حيث أعلن أكثرالعرب إعلان الحرية لعبيدهم ، ما أعظمها من سجايا وبهذا يكون الحج مؤتمراً إسلامياً عالمياً يستفاد منه في وحدة الأمة ونهضتها.
- البراءة من المشركين :
إن الحج فريضة توحيدية منذ أن شرع، وكلما انحرف الناس بها من التوحيد إلى الشرك جاءت الشرائع لإعادتها إلى روحها الحقيقية، بل وجاءت لمخالفة ما كان عليه أهل الشرك من مناسك تخالف التوحيد، ولذلك يقول ابن القيم : (استقرت الشريعة على قصد مخالفة المشركين لا سيما في المناسك ) تهذيب السنن (3/309) ، ونلمس هذه المخالفة فيما يلي:
- الخلاف في التلبية فكانت تلبية المشركين ( إلاشريكاً هو لك تملكه وما ملك) ، وجاءت تلبية التوحيد ( لبيك لا شريك لك ) .
- تحريم الطواف بالبيت من غير سترة، فقد كان الناس في الجاهلية يطوفون عراة إذا لم يجدوا ملابس معينة من قريش.
اليوم يبدوا كله أو بعضه وما بدى منــه فــلا أحله
- الإفاضة من عرفات على خلاف قريش التي كانت تفيض من أطراف الحرم مخالفة بذلك بقية الحجاج ، ومكرسة لمفهوم الفوقية القرشية على سائر الناس.
- الإفاضة من عرفات بعد الغروب خلافاً للمشركين الذين كانوا يفيضون قبل الغروب .
- الدفع من مزدلفة بعد طلوع الشمس خلافاً للمشركين الذين كانوا يندفعون قبل طلوع الشمس.
- إبطال النبي صلى الله عليه وسلم لعوائد الجاهلية ورسومها ، كما في خطبة حجة الوداع : ( كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع ) أخرجه مسلم كتاب الحج ، ويقول ابن تيمية في ذلك : ( وهذا يدخل فيه ما كانوا عليه من العادات والعبادات ) اقتضاء الصراط المستقيم (1/301) .
- الحج تربية للضمير وتحقيق للمراقبة :
إن المتأمل للأحكام الشرعية الإيمانية والتعبدية يلاحظ أنها ترتكز على ثلاثة أنواع من المراقبة :
- رقابة ضميرية مكانها القلب ، فالإنسان رقيب نفسه.
- رقابة مجتمعية من حولنا .
- رقابة إلهية من فوقنا.
قال تعالى: } وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } سورة التوبة الآية 105 ، والحج يحقق الرقابة في أعلى صورها ، فالإنسان رقيب نفسه قبل كل شيء، وينظر إلى الرقابة الإلهية التي يسعى جاهداً إلى أن لا يراه الله حيث نهاه ، ولا يفتقده حيث أمره ، كما أن رقابة المؤمنين بعضهم لبعض من خلال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإعمال النصح لكل مسلم متوفرة في الحج، قال تعالى : }وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ{ سورة البقرة الآية 197 ، والحج تربية للضمائر ، فقد جاءت الشريعة بتجريم وتأثيم الإرادة القلبية السيئة في الحرم ، قال تعالى : }وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عذاب أليم{ سورة الحج الآية 25 .
وأعظم ما يلاحظ في هذا الأمر اختلاط الرجال والنساء في المناسك دون أن يكون هناك مواقع خاصة بالرجال وأخرى بالنساء وخاصة في الطواف بالبيت ، ومع ذلك تبقى الرقابة ذاتية يراعي فيها الإنسان المراقبة الفوقية .
- التربية الأخلاقية :
من أعظم الدروس المستفادة من شعيرة الحج ترسيخ التربية الأخلاقية في أبهى صورها على النحو التالي:
- العفة ، وذلك بالابتعاد عن الجماع والمباشرة وكافة المقدمات المؤدية إلى الفاحشة ، قال تعالى : ( فَلاَ رَفَثَ) سورة البقرة الآية (197) .
- كظم الغيظ وترك الجدال والمخاصمة ، قال تعالى : ( وَلاَ جِدَالَ) سورة البقرة الآية (197) .
- انكار الذات والاندماج في المجموع .
- الرفق واللين والسكينة ، قال صلى الله عليه وسلم : (أيها الناس عليكم بالسكينة فإن البر ليس بالإيضاع ((يعني الإسراع)) ) رواه البخاري حديث رقم (1671) .
- البذل والسخاء وذلك بدنياً ومالياً.
- التربية على تحمل تبعة الخطأ ويظهر ذلك في الفدية.
- التربية على التواضع وخاصة أصحاب الوجاهات.
- التربية على الصبر ؛ لأن الحج هو نوع من الجهاد الذي لا قتال فيه كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها ، وكما جاء عن الحسين ابن على رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني جبان، إني ضعيف، فقال صلى الله عليه وسلم : ( هلم إلى جهاد لا شوكة فيه : الحج ) رواه الطبراني في المعجم الكبير ح/2910 رواته ثقات .
- الرابط بين الدين والدنيا :
فإن الحج هو مكان للذكر تهليلاً وتسبيحاً وتحميداً وتكبيراً ، كما هو موسم للتجارة وتبادل المنافع الدنيوية في ربط محكم لا تعارض بينه ، قال تعالىِ : }ليَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأنعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ } سورة الحج الآية 28 .
- التربية على النظام والإنضباط :
ويظهر ذلك من خلال الضبط الزماني والمكاني والانضباط في الشعائر.
- التواصل مع الأسلاف وتحقيق الإرتباط الوجداني معهم، قال تعالى}وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ } سورة البقرة الآية 125 ، وأن الانتساب إلى إبراهيم من قبل اليهود والنصارى إنما هو ادعاء ، وأن المسلمين أولى الناس بالانتساب إليه قال تعالى : { إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَـذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ } سورة البقرة الآية 125 .
- التيسير ورفع الحرج :
- بناء الفريضة على الاستطاعة ، قال تعالى : (وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ من استطاع اليه سبيلاً ) سورة آل عمران الآية 97.
- وضع الخيارات في النسك (إفراد – تمتع – قران) حسب أحوال الناس وظروفهم.
- بناء الأحكام كلها على التيسير ورفع الحرج ؛ لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما سئل عن أمر قدم ولا أخر إلا قال : افعل ولا حرج ، كما نلاحظ أن التيسير يتخلل الشعائر فركعتي الطواف تتوسط الطواف والسعي، والتروية يتوسط الطواف والسعي وعرفة، ومزدلفه تتوسط عرفه وما بعدها, والتحلل الأصغر يتوسط التحلل الأكبر والإحرام التام، فإن خلاصة الأمر هو (ساعة وساعة).
- جعل عرفة كلها موقف ، ومزدلفة كلها مكاناً للمبيت ، ومنى كلها مكاناً للنحر ، قال صلى الله عليه وسلم : ( وقفت هاهنا وعرفه كلها موقف ...ونحرت هاهنا ومنى كلها منحر ) .
- دور الشقائق :
المرأة حاضرة في شعائر هذا الدين كلها ، وهي شريكة الرجل في مسيرته القاصدة إلى الله، فهي رفيقة الدعوة والجهاد ، وهي الشهيدة والمربية ، وفي الحج درس وعبرة عظيمة في دور المرأة وصمودها ، ومكابدتها وصبرها في شعيرة الحج من خلال ركن السعي الذي جاءت النصوص معلمة عن دور أم اسماعيل وحالها ، وهي تسعى بين الجبلين ، فقال ابن عباس : (فذلك سعي الناس بينهما)، وهنا تبرز أهمية مشاركة المرأة في الحياة الإسلامية ، ويظهر ذلك في الآتي:
- أن الجنة تحت أقدام الأمهات .
- التقديم في الصحبة (وصاحبهما في الدنيا معروفاً).
- أن النساء شقائق الرجال فهي نصف المجتمع وصانعة للنصف الآخر.
- وحدة المسئولية بين النساء والرجال .
- المساواة في النفس الإنسانية.
- مشاركة المرأة في مسيرة الدعوة ، (فهي أول مؤمنة وأول شهيدة).
- مشاركة المرأة في الحج وجوباً وفي الجهاد استحباباً.
- عدم الزواج إلا برضاها.
- المرأة لها ذمتها المالية المنفردة.
- وظيفة الأمومة والتربية.
- المشاركة في الشأن العام بيعة وشورى ، وأمراً بمعروف ونهيا عن منكر ، وإقامة للدين .
- الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة :
والبر في الشرع يعود إلى معنين :
- الإحسان إلى الناس وصلتهم (البر حسن الخلق) رواه مسلم ح/2553 .
- التوسع في الطاعات وخصال التقوى وضده الإثم قال تعالى : { أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } سورة البقرة الآية 44.
- زمزم والمعجزة الخالدة ، وهي من الآيات البينات القائمة عند الحرم ، ( فيه آيات بينات ) ، وهي مستمرة حتى قيام الساعة دليلاً على قدرة الله الباهرة ومعجزته الخالدة .
- الاستغفار سنة ماضية عند تمام الأعمال الجليلة ، قال تعالى : } ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } سورة البقرة الآية 199 ، وهو نهاية كل عمل جليل كالصلاة والزكاة والحج وغيرها ؛ لأن العبد لا بد له من تقصير واكب عبادته ، فهو يستغفر الله لسد الفجوة الحاصلة بين المطلوب والمقدور والله المستعان.