المقاومة السلمية وسيلة ناجحة لتغيير النظام الاستبدادي

المقاومة السلمية وسيلة ناجحة 

لتغيير النظام الاستبدادي

غير خاف على الإرتريين والمهتمين بالشأن الإرتري المعاناة المريرة التي صاحبت الشعب الإرتري جراء ممارسات نظام إسياس طوال فترة ربع قرن التي تقلد فيها مسئولية حكم البلاد ، حيث يعد النظام الإرتري من أسوأ الأنظمة الاستبدادية التي أنتجت بلدا متخلفا في التنمية في كل مجالاتها ، وجعلت منه بلدا لا يعرف للعدالة والقانون سبيلا في حياته ، لا وجود لدستور يضمن الحقوق ولا مؤسسات تدير الدولة ، حالة لم تجعل الشعب الإرتري يحس بطعم المواطنة ، وأصبحت حياته جحيما لا يطاق ، في وضع لا توجد فيه مؤشرات لانفراج قريب ، الأمر الذي أدى إلى انتظام ظاهرة الهروب التي شملت كل فئات المجتمع إلى خارج الوطن رغم المخاطر الصعبة التي هي أهون عليه من حياة البؤس في إرتريا .

لم يستكن الشعب لهذا الوضع ، فقد ظل منذ البداية يقاوم في الداخل والخارج في ظل قهر يفرضه النظام بوحشية ضده ، وفي ظل تجاهل من المجتمع الدولي لمعاناته ، إلا أنه ما زال يحافظ على بقاء صوت المعارضة عبر قواه السياسية التي أنكر النظام وجودها ، والتي مارست دورا هاما في تعريته ومقاومته عسكريا في بعض الأحيان ، ورغم ضعفها وتعثرها فإنها ما زالت تشكل لدى الشعب الإرتري رحى المقاومة إذا وحدت صفها وجهودها وتجاوزت خلافاتها ، إلى جانب صور المقاومة التي يقوم بها الشعب في الداخل بإبداء التذمر والاعتراض على أعمال النظام وتزايد حالات الانشقاقات الفردية لمسئولين في النظام ، الأمر الذي يتطلب تعزيز هذا السلوك بما يؤدي إلى انتظام مقاومة فاعلة وشاملة تستخدم وسائل مختلفة أكثر تأثيرا على النظام.

وهناك عدد من الوسائل والطرق الشائعة التي تستخدم في تغيير الأنظمة الدكتاتورية ومن أهمها المقاومة المسلحة ، الانقلاب العسكري ، الانتخابات ، التفاوض ، التدخل الخارجي ، المقاومة السلمية أو العصيان المدني . لكن بعض هذه الوسائل تحتاج إلى إمكانات مادية ولوجستية لا تتوفر للمعارضة كالمقاومة المسلحة ، وبعضها احتلال خارجي غير مقبول عند الإرتريين بمختلف أطيافهم ، وبعضها لا يسمح به النظام ولا يفكر فيه لأنها تشكل منافذ لاسقاطه أو اختراقه كالانتخابات والتفاوض ، وأما الانقلاب العسكري فليس هناك ما يشجع على نجاحه لسيطرة النظام على الجانب العسكري بقيادات ذات ولاء شخصي لأسياس لا تضع أي اعتبار لمصلحة الوطن .

هذا لا يعني استبعاد هذه الطرق من عملية تغيير النظام عدا التدخل الخارجي ، ولكن خيار المقاومة السلمية في مثل الظروف التي يعيشها الشعب الإرتري هو الأكثر فرصا في العمل ، وقد أثبتت التجربة الانسانية في الماضي والحاضر أن المقاومة السلمية هي أنجح السبل للتخلص من الأنظمة الاستبدادية ، وهي تشمل عددا من الأساليب تتراوح ما بين الاحتجاجات والإضرابات والاعتصامات وغيرها من الأساليب المناسبة لمواجهة ممارسات النظام .

المقاومة السلمية ليست طريقا سهلا ، وأن النظام سيتساهل معها ، كلا سيعمل النظام على مواجهتها بقسوة ووحشية ، كما هو الحال في البلدان التي انتظمت فيها المقاومة السلمية ضد أنظمتها الدكتاتورية ، وسيتعرض المقاومون للقتل والسجن والتعذيب ، لكن هذه الوسيلة هي الأكثر نجاعة وقدرة على تعميق نقاط الضعف في النظام وتفعيل نقاط القوة في الشعب ، والانتصار بتحقيق رغبته في حياة حرة كريمة .

إن ابتدار مجموعة من المقاومين وإن قل عددها بالدفاع عن حقوق الشعب وإخلاصهم وتصميمهم سيشجع شرائح جديدة من الشعب على الانضمام إلى صفهم ، وتقوى المقاومة تدريجياً كلما استمرت بازدياد عدد المشاركين فيها ، وتتعزز ثقة الشعب بقدرته على تغيير النظام .

إن الحرية والحياة الكريمة التي ننشدها لا تتحقق بدون مقاومة وتضحيات ، وإن الخوف والتهيب الذي يمنعنا من الإقدام إلى مثل هذا الطريق سيجعلنا نستمر في حياة مهينة ، وننتظر مستقبلا بائسا لا أمل فيه .

قال الله تعالى : (قَالَ رَجُلَانِ مِنَ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمَا ٱدْخُلُواْ عَلَيْهِمُ ٱلْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَٰلِبُونَ ۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوٓاْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) المائدة (23)

وقال الشابي :

إذا ما طمحت إلى غاية

ركبت المنى ونسيت الحذر

ولم أتجنب وعور الشعاب

ولا كبة اللهب المستعر

ومن لا يحب صعود الجبال

يعش أبد الدهر بين الحفر

 ****

محرر مجلة ( الرسالة )

للمؤتمر الإسلامي الإرتري

 
01-01-2017
Print this page.
http://www.al-massar.com