منظمات المجتمع
يضم هذا المصطلح مجموعة واسعة النطاق من المنظمات والمؤسسات غير الحكومية وغير الربحية التي لها وجود في الحياة العامة.
وهناك اختلاف في تعريف المصطلح خاصة في ظل تعدد أساليب التوظيف الفكري للمفهوم واستخدامه من قبل أفراد متعددي الاتجاهات ومع ذلك يمكن أن يعرف بأن منظمات المجتمع المدني هي عبارة عن شبكة التنظيمات التطوعية الحرة التي تملأ المجال العام بين الأسرة والدولة وتعمل على تحقيق المصالح المادية والمعنوية والدفاع عن هذه المصالح في إطار الالتزام بقيم ومعايير الاحترام والتراضي والتسامح الفكري والسياسي وقبول التعددية والاختلاف في الإدارة السلمية للصراعات واحترام القوانين ، وهذا الجسم يضم مجموعة المنظمات التي يؤسسها الأفراد بمحض إرادتهم من نقابات مهنية وعمالية وجمعيات واتحادات ونوادي ومنتديات ومراكز بحثية وإعلامية وثقافية واجتماعية وحركات نسائية وطلابية وغرف صناعية.
كلها تعمل من أجل النهوض بعبء التغيير وتشكيل الرأي العام استنادا إلى اعتبارات أخلاقية أو ثقافية أو سياسية أو عملية أو أدبية خيرية أو .... ، وتسعى لخلق توازن بين سلطة الدولة من جهة والهيئات والتجمعات الخاصة من جهة أخرى ، مستخدمة تلك المعايير وسيلة في إدارة العلاقات فيما بينها وبين الدولة.
والأنظمة الشمولية لا ترحب بهذا الجسم من منظمات المجتمع المدني ، كما أن النظرية الماركسية تنظر إلى هذا الكيان نظرة سلبية حيث تربطه بالهيكل الطبقي غير المتكافئ والمظالم الاجتماعية ، وعليه ترى وجوب التخلص من هذه الكيانات ولو بتقليص المجتمع المدني من خلال التوسع في قوة الدولة ودورها التنظيمي.
ويوصف مفهوم منظمات المجتمع المدى في أغلب الحالات بدلالات معيارية وأيديولوجية وفقا للرؤى اللبرالية.
أما علاقة منظمات المجتمع المدني وعالمنا العربي والإسلامي فهي علاقة جدلية بين الرفض والقبول. فمن يرفض يبرر رفضه بأنه:
1 . يرتبط مفهوم منظمات المجتمع المدني بنشأته وتطوره وأسباب ميلاده بواقع التطور السياسي في الغرب الصناعي الرأسمالي وتكوينه نتيجة للثورات الوطنية والمعرفية والاجتماعية التي أحدثت نقلة فكرية بُني عليها المجتمع ، وإن هذا المجتمع الغربي يجد أساسه في ثلاثة محاور هي :
1. القيم اللبرالية والرأسمالية والعلمانية ، وهذه القيم أو المحاور بجوانبها السياسية والاجتماعية والاقتصادية لا تتفق مع القيم الإسلامية.
2. المجتمع المدني (الغربي) أصلا قام على العلمانية ـ فصل الدين عن الدولة ـ وان الإسلام نظام كلي شامل لا تنفصل فيه الدولة عن الدين أو المجتمع وهنا يظهر التنافر.
3. إن بلاد الإسلام على المستوى العملي التطبيقي لم تقم على أساس ديمقراطي مستمر ولذا لا يناسبها عمل منظمات المجتمع المدني.
أما الفرقة التي ترى صلاحية دور منظمات المجتمع المدني وفعاليته فتعتبر هي الأخرى :
1. إن النظام الإسلامي أصلا يقوم على ستة مبادئ هي : (الحرية ، المساواة ، العدالة ، الشورى والنقد الذاتي) . وتعتبر الحرية هي الركيزة الأساسية وعمل منظمات المجتمع الذي لا يتعارض مع تلك المبادئ إن لم يدخل في هذه الأسس .
2. إن التجربة الإسلامية في عهد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تعبّر عن التعاون والتضامن الاجتماعي ، وهي أقدم من نظرية العقد الاجتماعي عند " روسوا" ، وتجربة مجتمع المدينة المنورة هي تجربة حكم الإسلام الأول ، ويبدو فيها واضحا مظاهر التعدد والتسامح والحرية الدينية.
بقلم سليمان محمد علي