المصدر : شبكة الشاهد.
طرابلس(الشاهد) – في تدخل نادر لكنه يعكس حجم الضغوط الهائلة والخارجية التي تتعرض لها بلاده لتحسين أوضاع اللاجئين المقيمين فيها، أمر الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي أمس للمرة الأولى بتشكيل لجنة تحقيق رسمية فيما تداولته مختلف وسائل الإعلام حول أوضاع اللاجئين الإريتريين في ليبيا.
وقالت مصادر ليبية رسمية إن القذافي أمر بالتحقيق في الموضوع الذي أثير إعلاميا خلال اليومين الماضيين بشأن أوضاع الإريتريين الموجدين في مراكز الإيواء والترحيل.
وأكد مسؤول ليبي لـ”الشرق الأوسط” على معاقبة المتسببين في الشكاوى التي نقلتها عدة منظمات حقوقية مؤخرا وتروي فظائع تعرض لها اللاجئون الإريتريون الذين تقطعت بهم السبل في ليبيا.
وقال المسؤول الذي طلب عدم تعريفه في اتصال هاتفي من العاصمة الليبية طرابلس “إذا ثبت تورط مسؤولين حكوميين في الأمر فإنهم سيتعرضون من دون شك للعقاب. ليبيا بلد لا ينتهك حقوق زائريه مهما كانت أوضاعهم”.
وجاء تدخل القذافي رسميا على هذا النحو، وهو أمر نادر في الدولة الليبية، بعدما أخفقت الحكومتان الإيطالية والليبية في احتواء انتقادات وجهتها منظمات حقوقية دولية حول أوضاع اللاجئين الإريتريين في ليبيا، وسط اتهامات وجهتها هذه المنظمات، بالإضافة إلى المعارضة الإيطالية لحكومة رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني بتجاهل الانتهاكات المتعمدة في حقوق هؤلاء اللاجئين.
وناشدت جماعات لحقوق الإنسان الحكومة الإيطالية – التي بدأت العام الماضي في ترحيل المهاجرين الذين تعترضهم في البحر بمقتضى اتفاق جديد مع ليبيا – عرض اللجوء على أولئك الإريتريين قائلة إن كثيرين منهم يتعرضون لمعاملة سيئة أثناء احتجازهم. وانضمت أمس منظمة “هيومان رايتس ووتش” الأميركية إلى هذه المطالب.
وقالت في بيان حصلت “الشرق الأوسط” على نسخة منه، إنه يتعين على إيطاليا إيجاد مأوى على الفور لهؤلاء اللاجئين.
وأكد وزيرا الخارجية والداخلية الإيطاليان فرانكو فراتيني وروبرتو ماروني أنهما يعملان في الوقت الراهن في جهود وساطة تتعلق بالمواطنين الإريتريين في ليبيا.
وقال الوزيران في رسالة مفتوحة نشرت في العاصمة الإيطالية روما ” تجرى في الوقت الراهن وساطة دقيقة تحت رعايتنا، ونحن بصدد استكمالها من أجل الحصول على تحديد لهوية المواطنين الإريتريين ولكي نوفر لهم فرص العمل في ليبيا نفسها إزاء الخطر والخوف من ترحيلهم”.
وأشار فراتيني وماروني إلى أن إيطاليا لم تتوان قط عن المضي في عملية التوعية لدى السلطات الليبية ” لكننا اخترنا مسارا مختلفا عن السبيل الدعائي”، وشددا على قطعية حقوق الإنسان وعدم قابليتها للتصرف. لكن الوزيرين لفتا إلى الحاجة إلى وجود موقف يحترم سيادة ليبيا، وإلى اتخاذ إجراءات دولية قادرة على إشراك الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية الأخرى، وحذرا من خطر ” أن تعكس النداءات الملحة والمثيرة للجدل في بعض الأحيان لمعارضتنا البرلمانية عن منظور استعماري جديد غير صحيح سياسيا، وعقيم من حيث النتيجة”.
من جهتها، قالت السلطات الليبية إنها تسعى لتسوية أوضاع 400 لاجئ من إريتريا بالتعاون مع حكوماتهم بهدف الحيلولة دون استغلالهم وتعريض سلامتهم للخطر من قبل عصابات تهريب المهاجرين.
وأعلنت وزارة الخارجية الليبية في بيان تلقت “الشرق الأوسط” نسخة منه أن السفارة الإريترية في العاصمة الليبية طرابلس ستتولى إصدار الوثائق الثبوتية لهؤلاء اللاجئين لتمكينهم من الإقامة، مشيرة إلى أنه تم إبلاغ السفير الإريتري بهذه الترتيبات التزاما من ليبيا بتعهداتها الدولية.
واعتبر البيان أن ليبيا تتعرض منذ سنوات إلى موجات متعاقبة عبر حدودها البرية والبحرية من المتسللين الوافدين من مواطني بعض الدول العربية والأفريقية الراغبين في الوصول إلى أوروبا، مما أدى إلى خلق ظاهرة الهجرة غير الشرعية وما ينتج عنها من أضرار ومآس إنسانية سواء بموت الكثير منهم أثناء محاولات التسلل أو ارتفاع معدلات الاتجار بالبشر من قبل عصابات إجرامية تقوم بعملها بشكل منظم في أكثر من دولة.
وشكا البيان مما وصفه بالإشكاليات الأخرى التي تواجه ليبيا مع دول المصدر فيما يتعلق بإعادة المهاجرين إلى تلك الدول أو عن حالات الاختفاء في الصحراء أو في عرض البحر، رغم الجهود التي تقوم بها ليبيا في إنقاذ من انقطعت بهم السبل في البر والبحر وفي انتشال جثث الغارقين في البحر أو التائهين في الصحراء.
وحذر البيان من أن اختفاء وموت المهاجرين في الصحراء وفي البحر سيتواصل ما لم تكن هناك معالجات واقعية تتعامل مع أسباب مغادرة هؤلاء المهاجرين لبلدانهم، معتبرا أن هذا يمكن تحقيقه عبر حوار بين دول المصدر والمقصد، وكذلك دول العبور، تلتزم من خلاله دول المقصد بتحمل الأعباء المادية لإقامة مشروعات تنموية واستثمارية في دول المصدر ودعم قدرات دول العبور ماليا وتقنيا للتصدي لهذه الظاهرة.
وكان رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة لورانس هارت قد أعلن أنه تم إيجاد حل لدى السلطات الليبية لاستيعاب المهاجرين الإريتريين في أعمال ذات فائدة اجتماعية كما كانت الحال بالنسبة للصوماليين.
وأضاف هارت أن هؤلاء المهاجرين الذين نقلوا مطلع الشهر إلى مركز إيواء في مصراتة (شرق) وفي سبها (جنوب) ، كانوا يخافون من ترحيلهم إلى بلادهم، موضحا أن منظمته لم يكن بوسعها تحديد عدد الإريتريين الموجودين في ليبيا.
وأفاد بيان لمنظمة العفو الدولية نشر مطلع الشهر الحالي بأن أكثر من مائتي إريتري تعرضوا لـ”الضرب ونقلوا بالقوة” إلى سبها “حيث ظروف الحياة مريعة أكثر بكثير”.
يشار إلى أن ليبيا أغلقت الشهر الماضي وبشكل مفاجئ مكتب المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، واعتبرت نشاطاته “غير قانونية”. ومنح هذا المكتب وضع اللاجئ إلى 8951 شخصا، وسجل 3689 آخرين كطالبي لجوء.
وتعتبر ليبيا أن الأمر يتعلق بمهاجرين غير شرعيين لا يمكن اعتبارهم بأي حال من الأحوال بمثابة لاجئين أو طالبي لجوء. والى جانب حدود بحرية بطول 1770 كيلومترا، تتقاسم ليبيا أكثر من أربعة آلاف كيلومتر من الحدود مع ست دول أفريقية مجاورة، وتعتبر بلدا يقصده أو يعبر منه مهاجرون خصوصا من أفريقيا الشرقية والجنوبية إلى مالطا أو لامبيدوزافي ايطاليا.