الدوحة: صحيفة العرب.
اختتمت صباح أمس أعمال العرب والقرن الإفريقي: (مؤتمرجدلية الجوار والانتماء ) بمائدة مستديرة حوارية حاول المشاركون الإجابة خلالها عن أسئلة الرّاهن والمستقبل في علاقة العرب بالقرن الإفريقي. وقدّم الدكتور سيار الجميل رئيس وحدة الأبحاث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات منظم المؤتمر بطرح تساؤلات عن سر الأزمات وحالة التفتت التي يعيشها القرن الإفريقي، وغياب الدور العربي في إيجاد حلول لها رغم التأثيرات الكبيرة للأوضاع في القرن الإفريقي على الأمن الاستراتيجي للدول العربيّة المجاورة، خصوصا في ظل التدخل الأجنبي في المنطقة والتغلغل الإسرائيلي فيها.
ودعا المتدخلون على بناء رؤية استراتيجية للدول العربية في التعامل مع قضايا القرن الإفريقي ومساهمتها في حل الأزمات السياسية والصراعات القائمة في منطقة القرن الإفريقي من أجل خلق الانسجام الكفيل بأن يجعل من القرن عمقا استراتيجيا للسياسة العربية ومجالا للاستثمارات العربية.
وكانت الجلسة ما قبل الختامية تناولت طبيعة تعاطي الإعلام العربي مع قضايا القرن الإفريقي، حيث أوضح الدكتور طارق الشيخ، الباحث والإعلامي السوداني المقيم في قطر، عن تناول الإعلام العربي لشؤون الصومال، معتبرا أن وسائل الإعلام العربية كانت مسؤولة إلى حد كبير عن تشويه صورة الصومال وحصره في صورة العنف والمجاعة. وزاد: إنّ صورة الصومال من منظور الإعلام العربي ليست سوى أخبار وقصص متناثرة عن العنف .«القاعدة » والقتل وتنظيم واستحوذت في السنوات الأخيرة صورة القراصنة على معظم الصورة، فيما كان يصور الإعلام العالمي الصّومال إما كموقع جغرافي استراتيجي أو من خلال التذكير بالماضي الاستعماري أو بالتركيز على قضايا « الزاهر »محددة مثل التدخل الأميركي في الصومال في العام 1993 أو الاجتياح الإثيوبي للصومال في العام 2006 وقضيّة القرصنة البحرية. وطالب الدكتور الشيخ وسائل الإعلام العربية بالمساهمة في نقل صورةٍ صادقة لما يجري في الصومال والقرن الإفريقي من خلال نقل الوقائع من مصادرها، ونقد التجاهل العربي الرسمي أو التعامل السلبي مع القضيّة الصومالية.
من جهته رأى الأستاذ فيصل محمد صالح، مدير البرامج في مؤسسة طيبة برس إن الصورة النمطية عن إفريقيا في الذهن العربي مستمدة من الإعلام الغربي ومن الذهنية الغربية، ولا يعمل الإعلام العربي على تغيير هذه الصورة النمطية بل يكرسها.
وأشار المتحدث إلى أن الإفريقي في المتخيل العربي يمثل الآخر الموصوف بالتخلف والبدائية، واللجوء إلى العنف، وينسحب ذلك أيضا على الدول العربية الإفريقية مثل مصر والسودان ودول شمال إفريقيا، منتقدا افتقار أجهزة الإعلام العربية للإمكانات الكافية لتكوين مكاتبَ ومراسلين في بلاد العالم المختلفة، خاصة إفريقيا والقرن الإفريقي، ولذا فهي تلجأ إلى البديل الجاهز أي التغطيات الواردة من الوكالات والمحطات الغربية، وهو ما يشير إلى أن الدول المتقدمة المهيمنة على صناعة الأخبار والمعلومات وحركة انتقالها لا تعالج بالقدر الكافي قضايا الدول النامية وسعيها من أجل تحقيق التقدم والاستقرار.
وذهبت الأستاذة أفراح ثابت، في ورقتها، إلى أن الإعلام العربي قاصر عن التعامل مع قضايا القرن الإفريقي، الأمر الذي أثر في التفاعل الإيجابي بين العالم العربي والقرن الإفريقي. وأشارت إلى أن منطقة القرن الإفريقي ظلت مدة طويلة بعيدة عن دائرة الاهتمام الإعلامي العربي رغم الروابط التاريخية والقرب الجغرافي والتأثير الاستراتيجي للقرن الإفريقي. وانحصر حضور القرن الإفريقي في الإعلام العربي من خلال الحروب الداخلية في دوله أو فيما بينها أو من خلال الكوارث الطبيعية التي تضرب المنطقة كالجفاف والمجاعات، وظلت الصورة الذهنية العربية المرتبطة بالمنطقة في ذلك الإطار.
من جانبه، اعتبر الأستاذ محمد طه توكل، مراسل وكالة الأنباء القطرية في القرن الإفريقي، أن هناك تغييبا متعمدا لقضايا القرن الإفريقي في وسائل الإعلام العربية، وهو التفسير الوحيد المقبول في نظره، فلا تكاد منطقة القرن الإفريقي تشخص في فضاء الصحافة العربية وأثيرها وأجهزتها الإعلامية، إلا من خلال المتابعة الغربية والدوليّة لشؤونها. وقال المتحدث، لا تطل شؤون أكبر دول المنطقة من حيث السكان وهي إثيوبيا، في الصحافة المصرية إلا من زاوية الاهتمام المصري بمياه نهر النيل.ولعل أكبر مثال لذلك الغياب أو لعله التغييب، الاعتذار الذي قدمته المجلات والصحف المصرية لتجاهلها زيارة رئيس وزراء إثيوبيا ملس زيناوي للقاهرة في سبتمبر الماضي والتي تزامنت مع زيارة قام بها للقاهرة في الوقت نفسه رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان.