وساطة قطرية تنجح في إطلاق سراح أربعة أسرى جيبوتيين من النظام الإرتري

وساطة قطرية تنجح في إطلاق سراح أربعة أسرى جيبوتيين من النظام الإرتري

متابعات: المسار

أفرج النظام الإرتري في 18 مارس الجاري عن أربعة أسرى من جيبوتي كانوا معتقلين في السجون الإرترية منذ ثمانية سنوات ، وقد كان مراراً وتكراراً يتنكر وجود معتقلين لديه ، وقد تمت عملية الإفراج بعد جهود وساطة قطرية. ووصل الأسرى المفرج عنهم جيبوتي على متن طائرة قطرية بمرافقة وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني. 

من جهتها عبرت جيبوتي على لسان وزير الخارجية محمود علي يوسف عن شكره لدولة قطر وتقدير بلاده لجهودها، مؤكداً أن جيبوتي هي التي طلبت الوساطة القطرية لحرصها على السلام وحسن الجوار، مطالباً النظام الإرتري بالإفراج عن ما تبقى لديها من أسرى جيبوتيين والإعلان عن مصيرهم.

كما أكدت دولة قطر على لسان أميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني على أن الوساطة جاءت انطلاقاً من إيمان دولة قطر الراسخ بضرورة حل النزاعات الإقليمية والدولية بالطرق السلمية. جاء ذلك خلال تلقيه إتصالاً هاتفياً من فخامة الرئيس إسماعيل عمر جيلي رئيس جمهورية جيبوتي والذي أعرب خلاله عن بالغ شكره وإمتنانه لأمير قطر على جهوده ومساعيه الكريمة، التي أسفرت عن الإفراج عن الأسرى الجيبوتيين.

على المستوى الأممي أشاد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بوساطة دولة قطر في الإفراج عن أربعة أسرى من جيبوتي لدى إرتريا. معرباً عن أمله في أن تساعد الوساطة القطرية في معالجة القضايا الإقليمية الأخرى العالقة بين جيبوتي وإرتريا وتعزيز السلام والأمن الإقليمي في منطقة القرن الإفريقي حسب البيان الذي أدلى به الناطق الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة.

إرتريا تعتبر سجناً كبيراً لشعب تحكمه طغمة بالحديد والنار والقهر والجبروت ، أذاقت الشعب ألواناً من العذاب وتفننت في التنكيل به في مختلف شئون الحياة.

الملف الإنساني للنظام الإرتري يعتبر من أسوأ الملفات في حقوق الإنسان في العالم وإنتهاكاته موثقة عبر المنظمات الدولية ، ومن أحدث التقارير في هذا الشأن تقرير منظمة العفو الدولية لعام 2015/2016 الذي أشار إلى إستمرار آلاف الأشخاص في مغادرة البلاد هرباً من الخدمة الوطنية غير المحددة بمدة زمنية ، وهي نظام يشمل البلاد بأسرها يصل إلى حد عمل السخرة. ويشكَّل الإريتريون ثالث أكبر الجماعات التي تعبر البحر الأبيض المتوسط بعد السوريين والأفغان والأغلبية منهم فقدوا حياتهم في تلك الرحلة هرباً من حجيم نظام إسياس أفورق وزمرته. دولة تعيش في حالة غياب تام وإنعدام لحكم القانون ، وتظل المعارضة السياسية محظورة ، ووسائل الإعلام والجامعات المستقلة ممنوعة عن العمل. مع الإستمرار في القيود المفروضة على حرية العقيدة والتنقل للمواطنين ، وإستمرار الإعتقالات التعسفية بدون تهمة أو محاكمة لآلاف سجناء الرأي وغيرهم من الدعاة والمعلمين.

حيث يحتجز المعتقلون في ظروف قاسية وفي زنازين تحت الأرض وحاويات شحن محرومين من أبسط حقوق السجناء من طعام أو ماء مع إفتقارهم للمرافق الصحية وضوء النهار الطبيعي مع التعذيب المستمر للأجساد المتهالكة بالجوع والمرض.
دولة قطر حكومةً وشعباً تعتبر من أوئل الدول التي قدمت الدعم المادي والمعنوي للشعب الإرتري عبر الثورة الإرترية لنيل إستقلاله من الإستعمار لكي ينعم بالأمن والرخاء والإزدهار في ربوع إرتريا. ومازالت تقدم الكثير لشعبنا مشكورة في مختلف المجالات. حيث أن دولة قطر تنشر المئات من قواتها على الحدود بين إرتريا وجيبوتي لحفظ الأمن والسلام، كما تقوم بوساطة لحل الخلافات الحدودية المستمرة بين البلدين منذ عام 2008 وذلك وفق الإتفاق الموقع بين كل من جيبوتي وإرتريا في الدوحة عام 2010 لحل خلافاتهما.

إطلاق سراح أربعة أسرى جيبوتيين من النظام الإرتري جهد دبلوماسي مقدر لوزير الخارجية القطري الجديد الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ويضاف في سجل إنجازات دولة قطر الحافل بالنجاحات الأقليمية في الشأن الإنساني . ويأتي هذا النجاح ليتوج سلسلة طويلة من الإنجازات التي حققتها الدبلوماسية القطرية على مدار الفترة الماضية، إذ نجحت الوساطات القطرية في الإفراج عن المختطفين اللبنانيين في إعزاز قرب حلب، وبعد ذلك نجحت في إنهاء أزمة راهبات معلولا اللواتي تركهن النظام السوري وتاجر بمعاناتهن.

إمتدت جهود قطر سابقاً لتشمل الإفراج عن الصحفي الأمريكي "بيتر ثيو كيرتس" الذي اختطف في سوريا عام 2014 ، وتمكنت كذلك من المساعدة على التفاوض على تبادل الجندي الأمريكي مع خمسة من سجناء "طالبان". كما نجحت قطر في إطلاق جنود فيجيين من قوات حفظ السلام في سبتمبر/ أيلول 2014 تم إحتجازهم في الجانب المحرر من الجولان السوري.
سر نجاحات دولة قطر في تحركاتها الدبلوماسية كما يشير إليها بعض المسؤولين هو ومنذ منتصف التسعينات تبنت حكومتها سياسة الباب المفتوح التي تركز على بناء علاقات، والتوسط في حل النزاعات، وهو ما استفادت منه قطر وكذلك المجتمع الدولي. وأيضاً فإن دولة قطر وبسبب موضوعيتها وعدم تحيزها فإنها غالباً ما تلجأ إليها الأطراف المختلفة للتوسط بينها وإيجاد منبر للحوار.

إعتماداً على إنجازات دولة قطر ودورها الرائد في تسوية النزاعات الإقليمية وبما تتمتع به من علاقات متميزة مع النظام الإرتري فإننا نناشدها ونطالبها أن تلعب دوراً فعالاً وأن تمارس نفوذها في إطلاق سراح عشرات الألاف من المعتقلين الإرتريين الذين يقبعون في غياهب سجون النظام . هؤلاء الأسرى لديهم عائلات تنتظر الإفراج عنهم ، وكما هو معتاد سيقوم النظام بإنكار وجود معتقلين من المواطنين الإرتريين في سجونه زوراً وبهتاناً ، وهو ما فعله تماماً مع الأسرى الجيبوتيين برفضه وجود أسرى طيلة 8 سنوات كاملة.

المعتقلون الإرتريون لا بواكي لهم ، حيث يعيشون بعيداً عن الأضواء الإعلامية التي من شأنها أن تسهم في إبراز معاناتهم للمجتمع الدولي في ظل التعتيم الإعلامي المطبق في إرتريا من قِبل النظام حتى لا تنكشف ممارساته الوحشية ضد شعبه. فمن لهؤلاء المعتقلين ؟ أين منظمات حقوق الإنسان ؟

نناشد دولة قطر وجميع المنظمات الإنسانية الإقليمية منها والدولية بأن تضع ملف المعتقلين الإرتريين في سلم أولوياتها وفق ما تقتضيه القوانين الدولية في الشأن الإنساني والحقوقي وأن تعمل في إطلاق سراحهم لينعموا بالحرية التي حرموا منها لعدة سنوات .

 

 

 
20-03-2016
Print this page.
http://www.al-massar.com