بيان بمناسبة الفاتح من سبتمبر ذكرى انطلاقة الكفاح المسلح
كانت ذكرى الفاتح من سبتمبر التي أطلقت فيها أول رصاصة من القائد الرمز البطل حامد إدريس عواتي حدثا تاريخيا مهما ، وحدثا سياسيا كبيرا تم فيه إعلان الكفاح المسلح ضد المستعمر الإثيوبي بعد أن استنفذ الشعب الإرتري كل الوسائل السياسية والدبلوماسية لنيل استقلاله وحريته والتي حالت دونها قوى الاستكبار ، حيث تنادى الأبطال في ثورة مسلحة يقف خلفها شعب أبي ، خاضت حربا ضروسا قرابة ثلاثة عقود في مواجهة قوة عسكرية غاشمة لا ترعى أي قيم إنسانية ، مارست كل أنواع الحروب القذرة من اعتقالات للشرفاء ، وإبادة جماعية للقرى ، معارك ضارية في كل أنحاء إرتريا، وتسميم للمياه ، استخدمت السلاح الجوي والأرضي من دون حساب ولا رقيب .
ورغم التضحيات الجسام التي طالت الأنفس والحيوانات والموارد الطبيعية ، ورغم قلة النصير وشح الإمكانات وضعف القدرات العسكرية ظل الشعب مستمرا في ثورته لا ترهبة قوة العدو وبطشه ، ولا توهن قواه وإرادته خذلان النصير ، حتى انتزع بعون الله استقلاله بعزة وكرامة بعد دحر جيش الاحتلال ، وخروجه من إرتريا وهو يجر أذيال الخيبة والهزيمة الشنعاء هربا إلى دول الجوار في عام 1991م .
وابتهج الشعب في الداخل والخارج لهذا النصر المبجل ، وودع حقبة المأساة التي طالما تمنى وترقب نهايتها ، وبدأ في رسم تطلعاته لعيش كريم ، وبناء وطن يسوده الامن ، يشارك فيه جميع الإرتريين بكل ألوانهم السياسية والاجتماعية في نظام سياسي يعلي قيم العدالة والكرامة الانسانية ، لكن للأسف خاب هذا الحلم وأصبح سرابا بقيعة ، وارتدت من جديد حالة الاضطهاد والإستبداد لتمارس بصورة أبشع وأشمل ضد الشعب الإرتري من مجموعة إسياس التي انتهزت الفرصة ، فمحورت انتصارات الشعب لفرض هيمنتها وبرنامجها الاستبدادي ، وأغلقت الباب دون عودة أبطال الثورة في الخارج ممن يختلفون معها في الرأي ، وقامت باعتقال مئات العلماء والأساتذة والسياسيين والإعلاميين في ظروف لا تراعي الحقوق الإنسانية والعدلية ، وما زالوا مجهولي المصير أمواتا أم أحياء ؟!! ، وأصبح المواطن في الداخل سخرة لنظام الجبهة الشعبية ممتهن الكرامة ، يتحمل تبعات سياساتها الطائشة وحروبها المدمرة مع دول الجوار ، ليخسر فيها من الأنفس في سنين معدودة ما لا يخسره في عقود حرب التحرير وبأضعاف مضاعفة ، وأصبحت إرتريا دولة فاشلة تعتمد على التهريب والأتاوات ، وعلى المنح والمساعدات المقدمة من الحكومات والمنظمات ، ليس فيها مؤسسات الدولة ، تخضع لحكم الفرد ، يتفشى فيها الفساد، وتتحكم فيها المجموعات الأمنية ، وتشهد صراعات وإقطاعيات بين القيادات العسكرية ،لا أمل يلح لأبنائها لأن يحققوا طموحاتهم ، وصارت بالنسبة لهم سجنا لا يطاق البقاء فيه ، فكانت موجة الهروب من أصناف المجتمع عسكريين ومدنيين وشباب إلى الدول المجاورة ، وتعرضوا لابتزاز تجار البشر ومخاطر الهروب للوصول إلى أروبا طلبا لحياة كريمة . فإرتريا التي كانت مضرب المثل في الإباء والبطولة صارت اليوم مثلا في السوء ، فهي أسوأ دولة في ملفات حقوق الإنسان وحريات التعبير وسوء المعيشة ، الأمر الذي يدعو إلى العمل للتخلص من هذا النظام وإعادة الثورة بكل ما تعنيه هذه المفردة من أجل تحرير الإنسان الإرتري ، وتحقيق الكرامة والعدالة والعيش الكريم ، بتضافر الجهود بين كل الإرتريين قوى سياسية ومدنية في الداخل والخارج وفي كل الميادين وبكل الوسائل المتاحة في مواجهة هذا النظام وإزاحته ، فلا استقرار ولا تقدم ولا نماء لشعبنا إلا بذلك .
وبهذه المناسبة التي تمثل الإباء والشمم ، والعزة والكرامة نجدد الأمل ، ونقوي الإرادة ، ونشحذ الهمم للعمل بجهود مشتركة في معركة تحرير الإنسان الإرتري ، لينعم كغيره من شعوب العالم بالأمن والكرامة في بلده .وتملي ذكرى انطلاقة الكاح المسلح المسئولية الكبرى على القوى السياسية ، وتستوجب عليها أن تتسامى عن خلافاتها الانصرافية، وترتقي بعملها إلى الانشغال بهموم الوطن والمواطن التي تتوحد فيها كل الأطراف ، وأن تطور من آلياتها ووسائلها ، وأن تعزز وتضاعف من جهودها حتى تختصر المسافة وتحقق المأموول منها .المكتب التنفيذي
للمؤتمر الإسلامي الإرتري
1/9/2015م