كيف نستقبل العام الدراسي الجديد
بقلم : عبد الرحمن أحمد .
بداية العام الدراسي يختلف من دولة إلى أخرى ، حيث أن كل عام دراسي تسبقه العطل ، والإجازة المدرسية قد تكون في الصيف فتسمى صيفية ، وقد تكون في الخريف فتسمى الإجازة الخريفية ، وقد تكون في الشتاء كما في كثير من الدول الأوربية فتكون إجازة شتوية ، فمثلا بلادنا إرتريا تتمتع بإجازتين سنويتين : في المرتفات تكون الإجازة المدرسية في الخريف ، وذلك لأن الأحوال الجوية في هذه المنطقة تسوء في الخريف حيث كثرة الأمطار المسحوبة بالزوابع الرعدية والثلوج ، وسيلان السيول بطريقة عنيفة جداً ؛ مما تعرض الطلاب والطالبات للخطر ، وتعرض أرواحهم إلى الهلاك ؛ لهذا السبب نجد أن الإجازة تكون في الخريف ، أما مناطق المنخفضات ومحافظة دنكاليا نجد أن الإجازة المدرسية تكون في الصيف وتسمى الإجازة الصيفية ككثير من الدول العربية التي تقع في المنطقة الصحراوية أو شبه صحراوية ، حيث أن الطقس تسوء فيها بارتفاع درجة الحرارة ، وقد تصل في الكثير منها إلى ما فوق الخمسين درجة مئوية ، وهذا بالفعل يعرض الأبناء والطلاب إلى الخطر، وما أريد أن أقوله أن العام الدراسي وبدايته يختلف من دولة إلى أخرى ، أو من محافظة إلى أخرى باختلاف الأحوال الجوية.
يبدأ العام الدراسي وتبدأ معه رحلة الطلب لابنائنا وفتياتنا ، ليقينهم أن الدراسة وطلب العلم متعة لا تنتهي إلا بالنجاح ، فهي حياة كل طالب وطالبة في كل صباح ومساء ، تبدأ من قلوبنا كل يوم فحينما نعلقها بالله عزوجل تبدأ مفردات يومنا بالترجل والانبساط بارتياح بين أفانين الأمنيات الصغيرة والكبيرة ، مع علمنا التام أن لا مواقف عسيرة إلا واليسر يعقبها ، ولا أمور معقدة إلا وتنحل أمام عظمة الله ، فيجب أن نكون على يقين أن الله سبحانه وتعالى لم يهبنا عقولا لنجعلها مستلقية بجمود أمام احداث الحياة ، ولم يهبنا قوة على أجسامنا لنتركها في انبطاح ، ولم يهبنا إجازة لنجعها طويلة بلا نهاية ، ولم يهبنا أمنية من الأماني المدخرة في قلوبنا والتي ترسل كل ليلة إلى السماء بدون علم وعمل .
نقول لأبنائنا الطلاب والطالبات .. أمانيكم لن تتحقق وأنتم تتباكون على إجازة مضت وتفتحون أبواب الدراسة باكتئاب ، ابدؤوا عامكم الجديد بهمة عالية ، وعينان تتطلع إلى الأفق ، وقلب يتمتم قائلا : ( يا الله أعني ) ، وتذكروا أن أمتكم بحاجة إلى أن ترتقي بعلمكم ، لتنتهي الحياة بنقطة باسمة سعيدة ومملوءة بملامح الإنجاز .
أكرر وأهمس همسات يسيرة في أذني كل طالب وطالبة قائلا :
ابدؤوا عامكم الجديد بهمة عالية ، وتذكروا بأن أمتكم بحاجة اليكم ، فأنتم رجال الغد ، أخلصوا نيتكم لله عزوجل ، واعلموا بأن من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة ، كونوا بسطاء في خلق جم ، واحترام لمعلميكم ، وتعاونوا مع بعضكم بعضا ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص ، يشد بعضه بعضا ) ، وقوله صلى الله عليه وسلم : ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد ؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ) ، احرصوا على تناول الفطور الصباحي الصحي الجيد ، بادروا بحضوركم إلى المدرسة مبكرا ، وتذكروا بأن تأخركم وغيابكم عن المدرسة له تأثير كبير في تحصيلكم العلمي ، قوموا بأداء واجباتكم المدرسية والمنزلية أولا بأول ، واحذروا من أن يجد الكسل طريقا إليكم ، اجعلوا مدرستكم بيتكم الثاني ، وحافظوا على مرافقها ، واستمتعوا بكل دقيقة تقضونها بين جنبيها ، وكونوا على ثقة بأن الآباء والأمهات ومدير المدرسة والمعلمين يتمنون لكم النجاح والتفوق ، فلا تترددوا أن تحققوا هذا المطلب في ارتياح . مع علمنا التام بأن وقت الطالب يحتاج للكثير من التوازن ، وحُسن استغلال الوقت بطريقة صائبة. والبعض لرُبّما يُفضّلون عمل جدول مُعيّن للمُذاكرة ، بينما قد يرى الآخرون أن عمله بحدّ ذاته يُمثّل مضيعة للوقت ، إضافة لأن نسبة التزامهم به تكون ضعيفة. ونقول لهم سواء كنت ممّن يُفضّلون عمل جدول بعينه أو لا ، المُهم هو أن تُنظّم وقتك ولا تجعل مادّة بعينها تطغى في وقت مذاكرتها على بقيّة المواد ، بحجّة أنك تحبها أو أنها صعبة تحتاج لوقت أطول ، أو لأيّ سبب آخر ، فأنت لن تستفيد كثيراً إن حصلت على أعلى الدرجات في مادّة بعينها وأخفقت في مادّة أخرى!. لا تُؤجّل عمل اليوم إلى الغد ، واستذكر دروسك وواجباتك أوّلاً بأوّل . وخُلاصة القول أنت تحتاج أن تكون مُتوازناً ، وأن تُوزّع وقتك بطريقة متناسبة وصحيحة حتّى تنال مرادك في النجاح والتفوُّق
ومن نِعَم الله عزوجل على الإنسان أنّ معرفته تراكُميّة ومُركّبة وليست أُحاديّة ، وهذا ينطبق ليس فقط على طريقة استقباله للعلوم والمعارف وتعلُّمه إيّاها ، لكن أيضاً على طريقة اكتسابه للمهارات والقُدرات . نعم إنّ الدروس التي نتعلّمُها في الحياة هي تراكُميّة ، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : « لا يُلدغ المُؤمن من جُحر مرّتين «. بمعنى أن عليك في هذا العام الدراسي الجديد أن تتعلّم من سابق خبراتك الإيجابيّة والسلبيّة على حدّ سواء ، لا سيّما من أخطائك التي كلّفتك أثماناً باهظة ، رُبّما لتقصيرك أو لتهاونك ، أو لاستهتارك وتراخيك في أمر ما ، لذا لا تُكرّر أخطاءك التي وقعت فيها سابقاً ، واستفد منها لكي تتقدّم للأمام .
ويعتبر البعض أنّ العام الدراسي وقت مُؤلم وثقيل ، شرٌ لا بُد لهُم أن يجتازونه على مضض ، ثُم بمُجرّد انتهاء العام الدراسي يجتهدون ليمحوا من ذاكرتهم كُلّ ما تعلّموه . لكن الطالب الجيّد لا يُفكّر بمثل هذه الطريقة ، إنّما هو ينظر إلى ما يتعلّمه من معارف وعلوم كأمور لا بُّدّ أنّها ستفيده في حياته المُستقبليّة والعمليّة . ولا تخلو أيام الدراسة والمُذاكرة من حياة اجتماعيّة وعلاقات وتعارف مع زملاء وزميلات ، رُبّما ستجمعنا الأيّام معهم لوقت قصير ثُمّ يمضي كُلّ منّا إلى طريقه بعدها، لكنّ الحقيقة أن صداقات كهذه يُمكنها أن تستمر العُمر كُلّه ، وتُمثّل لك أمراً مُحبّباً بل وضروريّاً . أنا أُشجّعك أن تستمتع بعلاقات اجتماعيّة ومعنويّة تُفيدك اليوم وقد تُفيدك غداً ، أو على الأقلّ تُمثّل لك ذكريات جميلة لا تُمحى ، لا تضعف من طول الطريق ، ضع نصب عينك النجاح هدفاً ، والتفوُّق غاية مُحبّبة تسعى للوصول إليها . اجتهد وثابر ، وكُلّما تعبت أو بذلت مجهوداً اعلم أنّه لمصلحتك ، وأنّ الله يكافئ المُجتهدين . صمّم على بلوغ خط نهاية العام الدراسيّ بلا سلبيّات قدر الإمكان، وإن قابلتك عقبات ، اعلم أنّها ستزيدك صلابة وقُدرة على مواجهة الحياة .
أخيراً، أُطلب من الله ان يعَّضدك ويحقق لك الأهداف التي وضعتها لنفسك ، وأن يحميك من الفشل أو الاحباط ، وينير لك الطريق الذي تسلكه . نتمنّى لك كل نجاح وتوفيق.
وكل عام وأنتم بألف خير ..