بيان بمناسبة الذكرى (29) للاستقلال الوطني
أبناء شعبنا الأماجد :
تمر علينا اليوم ( 24 مايو 2020م ) الذكرى التاسعة والعشرون للاستقلال المجيد ، ففي مثل هذا اليوم الأغر كان الشعب الإرتري على موعد مع الفرح والمجد في ( 24/5/1991م )، في ذلك اليوم العظيم خرج شعبنا في الداخل والمهجر في عرس وطني بهيج احتفاء وتعظيماً وتبجيلاً وافتخاراً بنصر ولد من رحم معاناة الاحتلال، ومن كفاح مرير ومضني عكس صفحات مشرقة في الصمود والبذل والعطاء، وفصولاً ناصعة في التشبث بالحق والسيادة والاستقلال، وإرادة وطنية متضامنة وأبية على العواصف والتحديات.
الشعب الإرتري البطل:
الطريق إلى الاستقلال لم يكن سهلاً، والوصول إليه لم يكن هيناً، فإرتريا كانت دوماً أرضاً خصبة للصراعات والنزاعات، وهدفا للطامعين في ثرواتها ومقدراتها الوطنية وقيمها الاجتماعية والثقافية والحقوقية، وقد مر الشعب الإرتري عبر تاريخه الطويل بمراحل قاسية من الأخطار والأزمات، وشهدت مسيرته أصعب الأوقات وأدق الظروف، مع ذلك ظل الشعب الإرتري عزيزاً عصياً على الركوع والخضوع، فلم يتردد في ركوب المخاطر والصعاب دفاعاً عن أرضه ومقدساته ومطالباً بحريته واستقلاله، ولم يتأخر في احتضان ودعم ومساندة ثورته الباسلة ورفدها بأثمان باهظة وتضحيات سخية، حتى أجبر المحتل على رفع الرايات البيض، والعودة صاغراً من حيث أتى وهو يجر أذيال الخيبة والخذلان والعار.
أيها الشعب الصابر :
تعود ذكرى الاستقلال لتزكي فينا روح التوثب وتقدح ذاكرتنا بأهداف الاستقلال ومعانيه، وإن ذكرى الاستقلال الوطني كونها دلالة نصر وعلامة عز تعد مناسبة وطنية هامة للتفكير في القيم السامية والغايات النبيلة للاستقلال، واستلهام أسمى المعاني وأنبل الدلالات من ملحمته البطولية، فالمعنى الحقيقي للاستقلال يتجلى في أعمق مضامينه في وحدة وتعاون أبنائه وتقاطع آمالهم وتطلعاتهم، وفي تكريس الثوابت الوطنية والقيم التي ضحى من أجلها الجميع، وفي إرساء دعائم دولة وطنية جامعة تجسد الشراكة الحقيقية في كافة جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إذ لا معنى للاستقلال بعيداً عن مضامين الشراكة والعدل والمساواة والحرية والكرامة، وغياب الدستور والقانون والمؤسسات الشرعية المعبرة عن إرادة الشعب ، ولا مغزى من الاستقلال في ظل سياسات الإلغاء وبرامج التهميش وتعميق الشمولية والتسلط، ولا مفهوم لتحرير الوطن مع حرمان المواطن عن أبسط حقوقه الأساسية والطبيعية.
فالشعب الإرتري الصامد كان يأمل أن يكون إنجاز الاستقلال نهاية لجراحاته وآلامه ودموعه ودمائه، وبداية لحياة تتسم بكرامة وأمان في وطن يتسع للجميع ويتساوى فيه الجميع، ودولة حرة تزدهر في ظلها الحريات والأمن والتنمية، وقبل كل ذلك قطع الصلة وبشكل تام ونهائي مع سياسات الاحتلال وأساليبه، إلا أن نظام هقدف بأزمته البنيوية ومشروعه الأحادي وقف عائقا أمام تلك الآمال والتطلعات، فبعد مرور ٢٩ عاما من الاستقلال مازالت سياسات المحتل وممارساته الشائنة حاضرة وبقوة، بل تم إعادة إنتاجها وتكرارها بأساليب أشد مكراً وفتكاً في مضمون مغاير تماماً لما كان يتمناه شعبنا ولما ناضل من أجله، مما تسبب في إهدار معاني الاستقلال الجميلة وسلب مضامينها النبيلة تحت سياط الاستبداد والتهميش والقمع وإفرازاتها الأكثر بؤساً وقتامة، وعلى النظام القمعي أن يتحمل كامل المسؤولية لصدى انعكاسات مشروعه الشوفيني، وما ترتب عنه من كوارث ومحن خاصة على مسار النسيج الوطني الذي ظل طوداً راسخاً، وسياجاً صلباً تكسرت عنده الخطط التفتيتية والتقسيمية للاحتلال الغاصب.
الشعب الارتري الصامد :
في الذكرى ٢٩ للاستقلال يجدد المؤتمر الإسلامي التزامه بالسعي الدؤوب لتحقيق تطلعات الشعب الإرتري وآماله ومواقفه ، كتفاً بكتف مع كافة القوى السياسية والمدنية المتمسكة بمطالب الحرية والعزة والكرامة ، و يعيد التأكيد على أن المخرج من المأزق الراهن التي تعيشه بلادنا يتطلب تعزيز وتقوية الجبهة الداخلية ليس كشرط موضوعي وضروري لإسقاط نظام هقدف القمعي فحسب، بل كضمانة أساسية لعدم تكرار تجربته الكالحة السواد والبالغة السوء.
ويتوجه المؤتمر الإسلامي بتحية الإكبار والتقدير للشعب الإرتري الصامد الصابر في الداخل والمهجر في ذكرى استقلاله المجيد ، معرباً عن تمنياته الخالصة بأن يحتفل بالذكرى القادمة وقد تحرر بإذن الله وإلى الأبد من نظام هقدف الذي وقف عقبة كأداء في وجه استكمال مشروع الاستقلال الوطني، واليوم كما كان بالأمس سيظل الرهان على إرادة الشعب الإرتري في انتزاع كامل حقوقه المغصوبة والمنهوبة، فالشعب الذي دحر الاحتلال رغم جبروته وطغيانه قادر على أن يفعلها بكل من يكرر سياساته وممارساته مهما غلت التضحيات وكبرت الصعوبات وفاء لقيم الاستقلال ومبادئه، وإن نظام هقدف المستبد سيسقط ويذهب إلى مزبلة التاريخ بإذن الله.
وختاما وبمناسبة تزامن ذكرى الاستقلال مع يوم عيد الفطر المبارك ، نتقدم إلى شعبنا الإرتري وأمتنا الإسلامية بأسمى التهاني وأجمل التبريكات ، سائلين الله أن يتقبل منا الصيام والقيام ويجعلنا من عتقاء شهر رمضان ، وأن يعيد علينا الأعياد باليمن والخير والبركات والأمن والأمان ، وكل عام وأنتم بخير .
المكتب التنفيذي
24/ 5 / 2020م