بحلول يوم الرابع والعشرين من شهر مايو تمر على الشعب الإرتري ذكرى استقلال ارتريا، الاستقلال الذي ناله الإرتريون بخروج المستعمر الإثيوبي من كامل أرض إرتريا منهزما في عام 1991م بعد تضحيات جسام استمرت لمدة ثلاثين عاما في ثورة تحررية هادرة، شارك فيها كل أطياف الشعب وقواه المختلفة، وأحبط من خلالها جميع محاولات التآمر والالتفاف للحيلولة دون الاستقلال، فكان الرابع والعشرون من مايو يوما مشهودا وحدثا عظيما في حياة الإرتريين يقفون عنده بكل فخر واعتزاز، شكل نهاية مخزية لعهد الاستعمار الإثيوبي وبداية لعهد جديد أصبحت فيه إرتريا دولة مستقلة، وآن لشعبها أن يتعافى ويتخلص من معاناة الحرب والتشرد، وأن ينعم بالأمن والاستقرار، ويحقق كرامته وانسانيته، وينشغل ببناء ونهضة وطنه في كل مناحي الحياة، ويسعد بإقامة دولة ترعى مصالحهم وتحفظ أمنهم وحقوقهم وحرياتهم، لكن للأسف لم يكن حظ شعبنا الإرتري جيدا وأصبح كل آماله الجميلة سرابا من أول عهد الاستقلال بعد أن استولت على سدة الحكم مجموعة الجبهة الشعبية التي استلبت إرادة الإرتريين، وصادرت حرياتهم وحقوقهم حتى الانسانية منها، وجعلت إرتريا ضيعة خاصة بها لا يشاركها فيها أحد، وعملت على تكوين الدولة وفق نهجها الإقصائي ونظرتها العنصرية، متنكرة لكل التنوعات المختلفة التي تشكل الهوية الإرترية، فسارت بالبلاد في طريق الهاوية والانحدار، وصار حال إرتريا أسوأ من فترات الاستعمار، وتخلفت بدرجة كبيرة في أوضاعها الصحية والتعليمية والمعيشة، وأصبحت بؤرة للأزمات الأمنية وطرفا أساسيا مشاركا بصورة مباشرة وغير مباشرة في كل الحروب والمشاكل الأمنية التي شهدتها المنطقة، الأمر الذي رسخ لدى شعوب الدول المجاورة مفهوما سيئا عن إرتريا، وربما ضغائن ضدها ستكون لها تبعات آنية ومستقبلية.
نعم لقد تحررت أرض إرتريا من الاحتلال لكن الإنسان الإرتري لم يتحرر بعد، ولم يذق طعم معاني الاستقلال ولم ينل ثمرته حتى الآن، بل زادت معاناته وأهينت كرامته لدرجة أصبح لا يطيق العيش في بلده، فعاد إلى الهجرة من جديد عبر دول الجوار، ليواجه المخاطر والتحديات الصعبة خارج بلاده التي هي أهون عليه من مآسي الداخل.
إن هذا الواقع يفرض على كل الإرتريين في الداخل والخارج أن يعملوا بجد ويواصلوا في نضالهم لاستكمال استقلال إرتريا وتحديث معانيه ومضامينه، واستيفاء شروطه التي من أهمها إزالة هذا النظام الديكتاتوري الذي بدد آمالهم وحطم أحلامهم، وزاد من معاناتهم، وزج بهم في حروب وعداوات لا مبرر لها سوى إشباع نزواته الطغيانية والاستبدادية.
إن ذكرى الاستقلال ليست احتفالات مجردة ولا رفع للأعلام والشعارات هي تذكير بمعاني الحرية والكرامة التي ينبغي أن نسعى لتحقيقها، وترسيخ للشعور بالفخر والاعتزاز والانتماء الصادق لهذا الوطن، وأن يكون بقاء هذا الوطن هدفا ومطلبا حاضرا يجب أن لا نتجاهله وننساه مهما ادلهمت علينا الخطوب والعاديات.
المكتب التنفيذي
للمؤتمر الإسلامي الإرتري
24/5/2022