وفي التفرقة بين الاندماج والدمج من الناحية الاصطلاحية يقول الكاتب حماد (يمكن أن تتم التفرقة بين الاندماج والدمج حيث يطلق المصطلح الاول علي العمليات الادارية ، أما الثاني " الدمج" فيطلق علي العمليات التي تتم بناء علي تدخل سياسي أو تنظيمي من الجهة الرقابية ) اهـ
ويختلف تعريف الاندماج أو الدمج تبعا لطبيعة المنظمات التي يتم دمجها حيث نجد اكثر التعريفات شيوعا للاندماج هي التعريفات الخاصة بإندماج الشركات والكيانات الاقتصادية كما نجد هذه التعريفات تختلف حسب الزاوية التي يتم تناول الاندماج من خلالها.
وللمصطلح معني سياسي يختلف عن معناه اللغوي وتتركب العبارة من كلمتين مختلفتين في المعني ويقال ان الوحدة لاتعني الاندماج لان الوحدة تعني الاتحاد الذي يحافظ فيه كل عنصر من العناصر المتحدة بصفات مكوناتها ، ومن جهة أخري فإن الاندماج يعني الانصهار ففي عملية الاندماج تنصهر العناصر المكونة لكل عنصر من العناصر المندمجة ، وهذا التعريف أقرب لتعريف العبارة من الناحية العلمية الاكاديمية .
أما الوحدة الاندماجية في المفهوم السياسي فتحتوي المدلول اللغوي ولا تنحصر عنده فهي تطلق علي شكل من أشكال التوحد ومسارمن مسارات التجميع ، يندمج فيه كيانان أو أكثر بشكل فوري أو تدريجي وفق اتفاقيات تضع أسس وقوانين الكيان الجديد ، وتحدد ملامح سياساته الداخلية والخارجية ، ويتوقف نجاح وفشل التجارب الوحدوية علي الاسس والمقومات التي تبني عليها ، ومدي إلتزام الاطراف المندمجة بالمؤسسية ، والقوانين الضابطة لمسار الكيان وقدرتهم علي التحلي بروح الجماعة الواحدة ، وتلقائية الذوبان في الكيان الجديد ، وقد تحظي بعض التجارب الوحدوية بميزات وعوامل نجاح أكثر من غيرها ، ويعتبر عامل المدرسة الفكرية الواحدة أحد هذه الميزات لكنه بالتأكيد ليس الضامن الاوحد لنجاح أي تجربة وحدوية ، إذ إن تجارب الماضي والحاضر أثبتت أن إختلاف المدارس الفكرية لم يكن العامل الوحيد لانتاج الأزمات التنظيمية ، إنما هناك عوامل أيضا لها دور أساسي في حدوث الاشكالات ، وهناك قضايا معقدة ومزمنة تسهم بشكل أو آخرفي ظهور الازمات أو تساعد علي استفحالها وتعقيدها.
والساحة الارترية في الماضي شهدت العديد من التجارب الوحدوية ، ويصعب أن يجد المرء تقييما موضوعيا أو دراسة نقدية عنيت بهذه التجارب ، فالقراءات حولها متعددة والتشخيصات متنوعة ، وهناك تداخلات وتشابكات للاطراف المعنية بالتجارب حتي الآن ، فالكل مازال يقرأها من زاويته الخاصة ، ومثل هذه التجارب تحتاج لتناول موضوعي ونقد بناء يكشف ايجابياتها وسلبياتها ويحدد مواطن الخلل التي عصفت بالتجارب الوحدوية ماضيا وحاضرا ، فالأمة التي لاتتوافق في تنقية ذاكراتها التأريخية من الشوائب ، لن تتوافق في قراءة حاضرها ورسم مستقبلها ، فبدون التقييم الحقيقي ستبقي تجارب الحاضر تستنسخ علل الماضي وأدوائه ، لان من لايستطيع تشخيص الداء فمن غير المعقول ان يبحث عن الدواء ، كما أن إدمان المسكنات لا يمنع من ظهور أعراض المرض مرة أخري ، بل ربما يتجلي بصورة اقوي ، ولا أقصد بهذا كله أنه لاتوجد كتابات ومحاولات ولكنها تظل فردية ومتواضعة ولا ترقي الي مستوي الدراسات والبحوث ، ولعله من المناسب أن أشير هنا إلي أن ملتقي الحوار الوطني كان قد خرج من جملة قراراته وتوصياته بتكوين لجنة مختصة بكتابة التأريخ الارتري وتعتبر هذه أول خطوة إن كتب لها النجاح نحو كتابة التأريخ الارتري والتوافق عليه ، فالماضي هو تأريخ الامة ومن لاماضي له لاحاضر له .
وبما أن موضوع هذه الاسطر لايتعلق بتقييم التجارب الوحدوية فسأكتفي بذكر التجارب الوحدوية في إطار المعارضة الارترية مرورا دون تفصيل.
التجارب الوحدوية في المعارضة:
كل التجارب الوحدوية في المعارضة منيت بالفشل ماعدا تجربة واحدة ، ففي الفترة مابعد عام 2000م شهدت ساحة المعارضة حراكا نحو التوحد والتجمع ،وكانت ظاهرة إيجابية من حيث المبدأ لكن سرعة إنهيار هذه الوحدات ألقي بظلال سالبة علي الكيانات المتحدة وعلي المعارضة بشكل عام وأسهم في إزدياد حالات اليأس والاحباط والعزوف عن أي حراك وحدوي ، كما دل في الوقت ذاته فشل هذه التجارب علي هشاشة الاسس التي قامت عليها إذ إن بعض مكونات هذه التجارب الوحدوية غير متجانس فكرا ونهجا والبعض منها كانت قفزات سريعة وإستجابة لردات فعل آنية ، وأحيانا مجارات لتجارب أخري أو ربما إستباق لاحداث سياسية وفق تصورات غير دقيقة .
والتجارب هي :
1- تجربة جبهة التحرير والمجلس الوطني وهي التي صمدت حتي الآن.
2- تجربة المؤتمر الارتري : عام 2005م وتكون من :
1- حزب التعاون الارتري 2- حركة المقاومة الديمقراطية –القاش سيتيت- 3- جبهة التحرير الارترية التنظيم الموحد 4- الجبهة الوطنية الديمقراطية 5- حزب المؤتمرالإرتري(محمد عثمان أبو بكر) 6-الجبهة الاسلامية –قذائف الحق 7- حزب الوفاق الاسلامي
2- تجربة جبهة الانقاذ الوطني وكان مؤتمرها التوحيدي عام 2006م وتكونت من:
1- المؤتمر الوطني 2- الجبهة الديمقراطية الثورية –سدقي 3- الحركة الشعبية وانفض سامر هذه التجربة عام 2009 .
تجربة حزب الشعب الديمقراطي في يناير 2010م وتكونت من:
1- حزب الشعب الإرتري 2- الحزب الديمقراطي الإرتري 3- الحركة الشعبية الإرترية وبعد عام خرجت الحركة الشعبية ومجموعة من الحزب الديموقراطي بحجة الخلاف حول المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني من عدم ذلك .
إذا نظرنا لتجربة حركة الجهاد الاسلامي الارتري ضمن هذا السياق فسنجد انها أشبه بتجربة وحدوية ضمت تيارات إسلامية متباينة عبر مؤتمر توحيدي وتأسيسي وكانت نشأتها في سياق ردات الفعل الشعبية تجاه ممارسات الجبهة الشعبية وإعتداءاتها علي المسلمين ومقدساتهم ، ويعتبر قيامها قفزة سريعة تجاوزت مرحلة التأسيس الحقيقي مما إنعكس ذلك علي بنيتها المؤسسية التي لم تستطع إحتواء المشكلة التنظيمية التي نتجت عن الكيان الغير متجانس فكريا حيث إن الكيانات المكونة للحركة هم من المدرستين السلفية والاخوانية المتباينتين نسبيا في الوسائل والمناهج العملية والمرجعيات الفكرية ففي وقت مبكر ظهر الاختلاف بصورة واضحة في الرؤية السياسية للحركة التي لم تكن موحدة وواضحة ، وبلا شك هناك عوامل أخري داخلية وخارجية أفرزت الازمة الاولي للمشروع الاسلامي لست هنا بصدد ذكرها أوتقييم تأثيراتها وإنما أريد الاشارة إلي بنية الحركة التكوينية والسياسية ودور الرؤية السياسية في تلك الازمة .
ومن المؤكد أن تجربة حركة الجهاد هي إحدي المحطات المهمة في تأريخ المسلمين خاصة والشعب الارتري عامة ، وقد أصابها ما أصاب الثورة من إخفاق وإنشقاق . ومن غير المنطقي أن نحاول قراءتها بعيدا عن هذا الارث والسياق التأريخي فهي وليدة البيئة التي أنتجت تلك التجارب السابقة بدءاً من الرابطة الاسلامية والثورة وفصائلها .
فتقييم تجربة حركة الجهاد من قبل أطرافها للوقوف علي إيجابياتها وسلبياتها هو المفتاح نحو تصحيح الاخطاء وتلافي السلبيات ولذا فإن الوحدة الاندماجية بين المؤتمرالاسلامي والمجلس الاسلامي جاءت مرتكزة علي أسس تقييم هذه التجربة ومنطلقة نحو الواقع بروح جديدة ، والتجربة حاليا هي أحدث التجارب الوحدوية في الساحة الوطنية وأولي التجارب الاسلامية بهذا الحجم بعد سنوات الفرقة والشتات ، فيا تري ماهي المقومات والفرص المتاحة للتجربة والتحديات المنتظرة والامال المنعقدة في إرساء أساس الوحدة الاسلامية والوطنية الشاملة.
أولا : الرؤية السياسية.
لاشك أن تطابق الخطاب السياسي مع الموقف السياسي ينم عن رؤية سياسية موحدة وإستراتيجية واضحة فقوام كل كيان سياسي ناجح يعتمد علي رؤية سياسية واضحة يتبعها خطاب سياسي واضح وقد كان التناقض الواضح بين الخطاب السياسي والنهج العملي للحركة منفذا رئيسيا وأداة من أدوات الصراع الحزبي الذي ولجت من خلاله كل العوامل الاخري التي أطاحت بالعمل الاسلامي الكبير. فالأزمة أساسها كانت أزمة موقف سياسي فرضته أحداث طارئة – استقلال ارتريا- مثلا وظروف إستثنائية إقليمية ومحلية وعالمية كانت تتطلب نقلة نوعية تتوافق عليها الاطراف عبر الحوار الهادئ والنقاش الصريح ليتم الانتقال بالجماهير المنتشية بالصحوة الجهادية والشباب المجاهد بصورة مناسبة وبآلية تؤدي الي تفهمهم وإستيعابهم للنقلة السياسية تماشيا مع المرحلة ومتطلباتها بعيدا عن أجواء الصراع الحزبي وروح الغالب والمغلوب ، ولكن الاقدار جاءت بإنشطار الكيان الجامع بما كسبت أيدي مكوناته وصانعيه .
وليس عيبا أن نخطئ في تقديراتنا وإجتهاداتنا السياسية ولكن الخطأ أن لانتعلم من أخطاءنا ونجترها الي حاضرنا ، ولا بأس أن ننبش شيئا من ذاكرة الماضي مما يتطلبه إصلاح الحاضر ليس بغرض التقييم أوتنقيب المثالب أوالحكم علي طرف أوأشخاص ، بل البحث عن الجادة والصواب فليس المطلوب إيجاد المخطئ وإنما العثور علي الخطأ وتفاديه في المستقبل ، لان أزماتنا مازالت مستمرة والمسئولية مشتركة تجاه العمل الاسلامي والنهوض به رغم التباينات والتجاذبات الموجودة .
بعد الافتراق الاول تعدت مراحل الخطاب السياسي في الجانب السلفي حيث ظل الخطاب الاول سائدا في المراحل الاولي ثم عاد تدريجيا نحو قبول الآخر والحوار والتفاوض مع التنظيمات العلمانية بصورة جزئية ، وذلك بالمشاركة بمظلة المؤتمر الشعبي ، وهكذا تدرج الخطاب من الحدة ونفي الآخر الي التوسط والاعتدال وقبول الآخر العلماني ، وعند خروج المؤتمر الاسلامي تبني رؤية سياسية واضحة من خلال تقييم تلك المراحل التي مرت بها الحركة وكانت الرؤية شاملة وواضحة في أهدافها ووسائلها وتصوراتها للحاضر والمستقبل ، وعلي أساسها كانت للتنظيم اطروحاته المتقدمة في الخطاب السياسي وبني عليها مواقفه السياسية بعيدا عن المراوغة والمناورة ولم يبال في ذلك بالهجمات الدعائية التي حاولت إلباس هذا الخطاب ثوب العلمانية وتجريده من مرجعيته الاسلامية ، ووصمت حواراته ومواقفه بالانتهازية والاستسلامية ، رغم أنه لاجديد في الخطاب سوي الطرح الجرئ والمعلن بعيدا عن ثنائية الخطاب الاستهلاكي ، وقد كانت الوحدة الاندماجية إحدي ثمرات الوضوح والالتزام بقرارات الموسسات وأيضا من إيجابيات وضوح الخطاب السياسي بناء علاقات ايجابية مع اغلب التنظيمات المعارضة مما أهل المؤتمر للاسهام في كثير من أنشطة الحراك السياسي التي شهدتها ساحة المعارضة الارترية.
إن أهم ما اشتملت عليه اتفاقية الوحدة الاندماجية هو الاتفاق علي الورقة السياسية والنظام الاساسي وتعد خطوة مهمة تتيح للكيان الجديد طرح رؤاه السياسية والفكرية بوضوح دون مواربة منطلقا من مرتكزاتها الأساسية في تعاطيه السياسي وحواراته ومواقفه السياسية ، ويفسح المجال أمام المؤسسات للقيام بادوارها التشريعية والتنفيذية فيما يخص الشأن السياسي ، هذا الي جانب معايشة القاعدة الجماهيرية والكوادر التنظيمية الحراك السياسي للتنظيم من خلال هذه الرؤية العلنية، ويعطي الاعضاء إمكانية الاسهام في صنع القرارات السياسية من خلال النقد البناء عبر القنوات التنظيمية المتاحة .
ثانيا : النظام الاساسي .
يعتبر الاتفاق علي النظام الاساسي للكيان الجديد عاملا مهما في إرساء المؤسسية داخل التنظيم وحاكما للمؤسسات والأفراد حيث تتفرع عنه القوانين والتشريعات الفرعية- اللوائح- التي تحدد المهام والصلاحيات ، وفي هذا الصدد خطي المؤتمر الاسلامي خطوة متقدمة منذ نشأته في نظامه الاساسي وتم تثبيتها أيضا في النظام الاساسي الجديد وهي فقرة تحديد فترة رئيس التنظيم دورتين فقط ، كل دورة أربع سنوات بعد ذلك إذا ترشح لفترة ثانية وفاز يأخذ دورته الثانية ولا يحق له أن يترشح أو يتم ترشيحه بعد ذلك الابعد دورة رئيس آخر إذا أتيحت له فرصة ، وهذه الفقرة قفزة إيجابية في النظام الاساسي للمؤتمر الاسلامي حيث الكثير من التنظيمات لم ترق نظمها الاساسية إلي تحديد عدد دورات رئيس التنظيم ، فمثل هذا التقنين يفسح المجال أمام القدرات والكفاءات التي تبرز داخل التنظيم أن تصعد الي رئاسة التنظيم، وتقطع الطريق أمام ابدية السلطة ، ورمزية القيادة التأريخية ، التي لايجرؤ أحد أن يرشح نفسه في وجودها إحتراما أوإتباعا لعرف سائد ، وربما بعض التنظيمات تعيش علي وزنة قياداتها ومؤسسيها ويمكن أن تتعرض لهزات إذا تخلت عن هذه القيادات فمجرد التقنين لرئيس التنظيم وتحديد مدة رئاسته القصوى هو نقلة نوعية متميزة ، الي جانب هذا اهتم المؤتمر الاسلامي بالصف القيادي الثاني وهم من الشباب حيث أشركهم في جلسات المكتب التنفيذي الموسع ( رؤساء المكاتب ونوابهم) كما أن الاجهزة الرديفة ظلت قائمة بإلتزاماتها الدستورية والقانونية وفق نظمها ولوائحها الداخلية فالطلاب قاموا بإختيار أمينهم العام مباشرة دون تعيين من التنظيم كما يحصل عند الآخرين، ويمثل النظام الاساسي الجديد أحد مقومات المؤسسية داخل التنظيم والالتزام به سيكون الضمان الحقيقي لإرساء دعائم المؤسسية والترقي نحو البناء المؤسس وتقليل مساحة الاجتهاد وبناء كيان المؤسسات والمؤسسية إذ التقنين والتأسيس النظري والالتزام الصادق هو أساس بناء الكيان القوي والرائد.
إن فرص المؤتمر الاسلامي اليوم في ظل الوحدة أكبر بكثير مما كانت عليه في السابق حيث حيوية الشباب وإبداعاتهم وطاقاتهم الكامنة وحكمة الشيوخ وقيادات العمل الاسلامي الذين صقلتهم التجربة من بداياتها فعاشوا إزدهارها وهناتها وأناتها ولم تزدهم المحن إلا صبرا وعزما علي مواصلة العطاء والبذل رغم كل الصعاب والعقبات ، واليوم ومع كل هذا الزبد المترائي من إنتاج صناعة التضليل سيواصل المؤتمر عطاءه بمشيئة الله، وستتكشف الحقائق يوما ما ، وما علينا إلا إلتزام قيم الرسالة الصدق- العدالة- الانصاف- فهي أسمي من كل مكسب عاجل وأن لانتهاوى في مستنقع المزايدات المجردة من قيم الفضيلة تحقيقا لمكاسب سياسية آنية وإنه لمن قصر النظر أن يتوهم البعض إضمحلال كيان قائم أوتلاشيه أو ثنيه عن مواقفه بأساليب غيرحميدة .
وقد صاحبت التحديات المؤتمر الاسلامي منذ نشأته وتجاوز كل محطات التآمر بحكمة وإقتدار وها هو اليوم بعد الوحدة الاندماجية يبدوا في ثوبه الجديد أكثر قدرة وأصلب عودا في مواجهة التحديات المستقبلية ، ففي الاطار الداخلي يبدو المؤتمر أكثر قدرة علي الانسجام والتلاحم في تجاوز التحديات الداخلية وهذا مابرهنته الايام السابقة ، لكن لاغني لاي كيان عن العمل في تمتين رابطة الاخاء ومواجهة التحديات الداخلية بحزمة من البرامج والخطط ويأتي في مقدمة أولويات هذه التجربة العمل علي التجانس الداخلي للتنظيم والذوبان التلقائي لعناصر الكيانين في الكيان الجديد من الناحية العملية ، والبعد عن المحاصصة التنظيمية واعتبار الكفاءة والمقدرة معيارا أساسيا وإلتزام القوانين واللوائح .
ومن جانب آخر العمل علي بعث الروح الجماعية وتوظيف طاقات الافراد وتوسيع مواعين الشوري بين القيادة والقاعدة حيث المداولة والمشاورة ذلك الاسلوب النبوي الذي لايتحقق بالإجراءات فقط وإنما بإشراك أفراد التنظيم في صنع القراركل من موقعه ومستواه التنظيمي، وإتاحة الحريات التنظيمية للافراد والمؤتمر له تجربة ايجابية في هذا الخصوص، كما أن علي المؤسسات مواجهة الإبتزاز الفردي أو الشللي وعدم الرضوخ للتلويحات المبتزة للتنظيم بالانسحاب ، فالحرص علي قوة المؤسسات وإنفاذ قراراتها أضمن لسلامة التنظيم من ترقيعات الترضيات، فقرارات المؤسسات التي تخلف خلفها منسحبين وغاضبين أهون شرا من بقاء المبتزين القابعين في حضن الترضيات والمتمترسين خلف مفاهيم الانانية المفرطة دون قناعة تنظيمية .
وعلي صعيد التحديات الخارجية فإن نشاط المؤتمر السياسي هو الذي سيبرز حجم التحديات التي ستواجهه ، ففي ساحة المعارضة لاأعتقد أن الحملات التي صاحبت المؤتمر ستتغير وأن تلك الاطراف سترعوي عن ممارساتها في ظل ما هو مشاهد في الواقع، بل ربما تتجه الي صنع مزيد من الاستفزازات وإنتاج أصناف جديدة من التضليل كما بدا بعضا من مناظرها مع إعلان الوحدة الاندماجية وذلك بقصد التقليل من حجم التجربة الوحدوية وفرص إسهام الكيان الجديد في مؤتمر الحوار القادم ، وإظهاره بغير البريق الذي ظهر به في الملتقي ، والمساعي العلنية والخفية لاستنساخ جسم آخر مزيف بنفس إسم المؤتمر ليكون موازيا لكيان الوحدة الاندماجية ، هو دليل واضح علي عمق الازمة الاخلاقية التي تعيشها هذه الاطراف وإنتاجها للعبث السياسي بإستخفاف العقول . وأخشي ان تقود مثل هذه التصرفات نحو ترسيخ قناعة مفادها عدم جدوى البقاء داخل هذه المظلات إذا كانت لاتستطيع تمييز المزيف من الحقيقي وإذا كانت بعض مكوناتها هي التي تصنع هذا التزييف وتغض الطرف عنها المكونات الاخرى أخشى أن تتشكل مثل هذه القناعة عند غالبية أعضاء التنظيم ولاسيما داخل مؤسسته الشورية فتتجه إرادة التنظيم إزاء موقف سياسي يتمثل في فك إرتباطاته بهذه المظلات وعدم المشاركة في أنشطتها القادمة وهذا ماتسعى إليه هذه الاطراف من هذه التحركات السرية والعلنية وذلك مالانتمنى حصوله في ظل سعي الجميع نحو المشاركة في مؤتمر الحوار القادم وممالاشك فيه أن القرارات والمواقف السياسية الهامة لاتصدر نتيجة أفعال وردات أفعال ومالايعرفه هؤلاء أن المؤتمر كيان تحكمه مؤسسات وليس أمزجة أفراد فلم ولن يسبح معاكسا للاجماع الوطني إستجابة لاستفزازات أطراف بعينها أو يدخل تحت عباءة أحد خشية التصنيف والتوصيف وإنما ظل وسيظل يتخذ مواقفه وفق رؤيته السياسية وقرارات مؤسساته التنظيمية .
وأخيرا مهما كانت التحديات والمصاعب التي تواجه أطراف المشروع الاسلامي فإنهم مطالبون بألا يستسلموا لليأس والاحباط لاسيما الشباب والكوادرإذ لاتزال الحركة الاسلامية بجميع أطيافها حاضرة بتراثها وأبنائها المخلصين وتمتلك رصيدا كبيرا من إشراقات الماضي ومكتسباته ، مهما أسرف المنتقدون لها فإن امامها لايزال هامشا ضخما للعمل وليستقيم عود التجربة ويزدهر، فالسعي نحو التجديد وإعادة لحمة الإخاء وتحقيق اعلى درجات التضامن والوحدة هو الطريق الاوحد أمام العمل الإسلامي وليس بديلا عن ذلك إلا تكريس الأوضاع القائمة بكل أزماتها الحالية وإحتمالاتها المستقبلية المحذورة .
تجربة الوحدة الاندماجية مطالبة أن تنظرللمستقبل وتتعاطى مع الواقع المعقد بعين البصيرة والحكمة وأن تطوي صفحة الماضى وهذا ما أكده الشيخ ابراهيم مالك نائب رئيس المؤتمر في كلمته التأريخية يوم إعلان الوحدة الاندماجية ، وكذلك رئيس التنظيم حيث قال ( الماضى صفحة طويت ولن تفتح إلا للدارسين والمختصين ) وعلي المؤتمر أن يظل سباقا نحو الحوار والتقارب وإصلاح ذات البين سعيا نحو بناء عمل إسلامي موحد ، وأن ينظر فوق هذه العقبات والحواجز إلى الغايات السامية للمشروع الاسلامي .
إننا نرجوا من الله أن تكون تجربة الوحدة الاندماجية نواة لجمع الصف الاسلامي بممارساتها وسلوكياتها ومؤسساتها فالسلوك المؤسسي هو الذي سيعيد المصداقية للعمل الاسلامي ويعيد الثقة بين أطراف المشروع الاسلامي وأفراده .
ويلزم جميع اطراف الحركة الاسلامية التركيز على خدمة الفكر والمشروع الاسلامي بموازات العمل السياسي بحيث لايطغى المشروع السياسي علي البناء الداخلي والسعي إلي الانتاج الفكري الذي يتلاءم مع الواقع الارتري حيث مازالت الحركة الاسلامية تقتات علي مائدة إنتاج الحركات الاسلامية الاخري كما عليها الالتفات إلي الداخل تربية وتزكية ولاتستحق حركة إسلامية أن توصف بكونها إسلامية مالم تتجذر بداخلها قيم الاسلام وتساهم في تعميق التدين في المجتمع من خلال برامجها وسلوكيات أفرادها وتقديم نماذج وقدوات تعمق مصداقية العمل الاسلامي وعليها أيضا أن تسعى إلي بعث الروح الاسلامية وإيجاد الوعي الشامل لاسيما وسط التيارات الحية من المجتمع ( الشباب -الطلاب - النساء ) ونشر ثقافة الوحدة بدلاً من ثقافة الفرقة والشتات السائدة ، وأن يتقدم المخلصون من قيادات الحركة الاسلامية الارترية لمواجهة تحديات العمل الاسلامي وإنتشاله من أزماته بمنهاج عملي وواقعي حتي تحقق الوحدة الاسلامية والوحدة الوطنية وينعم الشعب الارتري بالسلام والاستقرار في وطنه.