| 
 
 |  23 Nov 2024
فن الاحتفاظ بالصديق
28-10-2014
1738
 
فن الاحتفاظ بالصديقلست ارى حاجة للحديث عن أهمية الصديق  , فقد كتب فيه الكاتبون  , وأفاض فيه العالمون  , وأبدع فيه الأدباء وبين اثره الحكماء .
لكنني أتحدث عن داء يصيب كثيرا منا مع صديقه , بسبب دنيا زائلة أو ظن سوء قبيح , أو مصارعة على كسب زائل , فتهون الصداقة التي دامت سنين طويلة , وتنسى العشرة التي منحتهما أجمل لحظات , وأروع امتيازات , فيسمح للشيطان بينهما بالدخول , ويفتح لهوى النفس بابا للحؤول , وإذا بالسعادة في صحبتهما تنقلب شقاء , وإذا بالشوق للقائهما يستحيل نفورا , وإذا بالمحبة بينهما تنقلب كرها وربما صارت عداء !

إن للصداقة فنا يمتاز عن أي فن آخر , بل إن  الاحتفاظ بالصديق فن هو الآخر , وأحسب أن قلة قليلة تنبهت لتلك اللفتة , واقل منهم من تحدثوا عنها ونصحوا فيها .
فمن لفتات فن الاحتفاظ بالصديق اصل اختياره , فإن كان اختيار الصديق قد جاء عشوائيا , أو بغير ادراك لذلك الاختيار , كأن تكون قد عرفته عبرلقاء جامع أو مناسبة ما أو غيرها , فإن أصل تلك المعرفة معرضة للانقطاع غالبا , إذ لابد من العمد الى اختيار الصديق والبحث عنه – كأنك تقرا سيرة ذاتية عنه – لتتخذه صديقا لك , فتعرف قيمته , وتعرف سبب صداقتك له , ومن ثم يكون استمساكك به أكثر وحرصك على بقاء صداقته أدوم ( لاشك ان بعض الاصدقاء الأوفياء قد كانت معرفتهم بغير ترتيب لكنها ليست القاعدة )
ومن لمحات ذلك الفن أيضا أن تعرف عيوب صاحبك , كما تعرف ميزاته , فإنك إن فعلت ذلك لم تفجع فيه , ولم تستغرب من سلوكه في بعض المواقف السلبية , ولم تغضب من ردود فعله في المواطن المختلفة , لأن عيوبه لك معروفة وسلوكه عندك متوقعا .

ولابد لدوام الصداقة من احترام خصوصياته , وعدم البحث عما يخفيه عنك , فلعله يخفي عنك ما لايجب عليك معرفته .

ومنه احترامه وتوقيره وتقديره , وإعطاؤه حقه من التفضيل والتقديم والاهتمام , وليست الصداقة اهمالا وسقوط كامل الكلفة , نعم تقليل الكلفة بينهما , لكن لا اسقاطها , بل يقدمه على غيره , ويزيد احترامه أمام الناس , سواء في وجوده أو غيبته .

ومن غريب أفعال الاصدقاء والتي تتسبب في النفرة بينهم أن يريد أحدهم صديقه له وحده , فيغضب لكثرة صداقات صاحبه , وينزعج من وجود مقربين له , فيعمل جاهدا على تشويههم او الانتقاص منهم أو ذكر مساوئهم و وهو هنا كالمرأة الغيور لا ترى في ضرتها ميزة !
وان أراد استمرار صداقته لصاحبه فليقلل من علاقات الأموال والشراكات معه , فإن الشركاء غالبا يختلفون ويتغاضبون , كما أن الأموال بين الناس مبدأ فتنة وباب طمع وجشع , وثغرة للشيطان ليدخل منها , بالطبع لايدخل في ذلك باب العطاء والمروءة  , فهو باب آخر , فمعونته بالمال شىء حسن , ودعمه في عمله جيد مطلوب , لكنني قصدت ذات الشراكة ومعاملة المال , فكم رايت فراقا بين صديقين بسبب قرض و مثاله !
ومن فروع ذلك الفن توزيع الرؤية , وتقليل الزيارة واللقاء على الايام  , بحيث تكون غبا متباعدا لا دوما متقاربا , فطول الصحبة وتكرارها يسبب الملال ويظهر من المثالب ما قد يخفى , فاقنع من صديقك برؤية وجلسة متباعدة وتفكر في نصيحة النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم " زر غبا تزدد حبا "  ( أخرجه ابن حبان  وصححه الألباني في الترغيب )

ومما يديم الصحبة اهتمامك بحال صديقك وتفقدك لشئونه , وسؤاله عما يسوؤه , والاهتمام بذلك , ومع كل أسف سمعنا كثيرا من مدعي الأخوة والصداقة لا يهمهم صديقهم إلا عبر رؤية في  درس او لقاء أو عبر مزحة أو مواقف عابرة , فإذا احتاجهم في نازلة هربوا من حوله , وإذا أصابته مصيبة لم يزيدوا على كلمات العزاء , وصدق علي بن ابي طالب رضي الله عنه ( فما أكثر الإخوان حين تعدهم ...ولكنهم في النائبات قليل ) !
إنه لفن عميق المعاني والوسائل , لا يتقنه إلا الأوفياء أصحاب المروءات , المعطاؤون , الباذلون , الصادقون في مشاعرهم ومواقفهم , المتخذون الصداقة طريقا إلى رضا الرحمن الرحيم .

. وللحديث بقية ان شاء الله
بقلم: خالد رٌشه
http://www.almoslim.net/node/218727



 
 
aaa
زيارات إسياس المتكررة إلى إثيوبيا ومآلاتها المستقبلية
خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم وشهادات المنصفين من غير المسلمين
رمضان في زمن الكورونا
بعد عام من إغلاق الحدود بين إرتريا والسودان من المستفيد ؟
ملامح الإتفاقية الإرترية الإثيوبية وتطلعات الشعب الإرتري
2024 © حقوق الطبع والنشر محفوظة للمؤتمر الإسلامي الإرتري | By : ShahBiz