| 
 
 |  23 Nov 2024
لماذا يهربون من ارتريا ؟ قصة شعب معذب
22-06-2016
2874
 

بسم الله الرحمن الرحيم

لماذا يهربون من ارتريا ؟

قصة شعب معذب

بقلم : منصور طه

لماذا يهربون ؟ سؤال مربك ولغز محير ، شعب يهرب من أرضه بعد الاستقلال ، ويختار اللجوء المنهك والصعاب المهلكة ؟ هل الدوافع اقتصادية لتحسين الأحوال المادية ؟ ولكن هل تصح هذه إجابة أم أنها إجابة محيرة ؟ لأن من يطلب التحسين لا يسلك مسالك الهلاك ، ولا حتى يحتمل مسالك الصعاب ، فهي إذا ليست دافعا حقيقيا  ؟! 

سؤال ولا إجابة مقنعة ، سؤال تتناوله الدوائر الخارجية ، منهم من لا تتضح له الحقيقة ، ومنهم  من يغطي ويدلس به الحقيقة  ، لكنه سؤال مربك في باطنه سؤال آخر، ماذا جني الشعب الارتري من الاستقلال؟ خرج المستعمر البغيض نعم ، لكن هل خروج المستعمر بلحمه ودمه هو كل القضية ؟

 دولة استبداد بوليسية طائفية ، شعب مضطهد معذب في بلاده ، تشرد ولجوء مستمر، سجون ومعتقلات ، خطف وقتل ، هذه هي الحصيلة والنتيجة لاستقلال ميزان التضحية فيه ثقيل، وئد في بدايته وسرق عند إعلانه ، ربع قرن مضى على استقلال إرتريا مسلوب القيمة الأساسية التي يحويها في طياته ، حرية! ذلك المعنى الكبير والغامض والمنزوع منه دلالاته ، وموضع النزاع والصراع بين البغاة المستبدين والضعفاء المستعبدين المضطهدين .

في استطلاع لقناة أجنبية (حول لماذا يهربون من إرتريا) كان بعض الشعب يعبر في حوار سري ، والآخر تظهر تعابيره في وجهه وتصرفاته خلاف لسانه وقوله الذي يخفي به الحقيقة خوفا ورهبة ، وآخرون يهربون مذعورين عند الاقتراب منهم لا يقبلون الحوار، ومن تجاسر منهم أو اضطر قال وتكلم .

قال أحدهم خلف الكاميرا : لا طعم للحياة ولا قيمة للإنسان بلا حرية .

وقال الثاني : الحياة مستحيلة دون حرية الرأي والعمل والسفر والتنقل والتعليم .

قد أظهر كل هذا المشهد الذي تحركت فيه القناة حجم محنة الشعب الإرتري ، وأعطى صورة واضحة لمأساته التي أصابته جزاء لكفاحه من أجل الاستقلال .

النظام هو الذي  ينقل الناس من عذابات إلى أخرى في سلسلة طويلة يتفنن في استخراج أسوئها وأقساها .

من ذلك لجأ أخيرا إلى حظر اقتصادي على الشعب وسحب كل الأموال منه ، النقد مسحوب من أيدي الناس ، بل العملة مطاردة في جيوب الناس ، الذهب منهوب ومن يبحث عنه من عامة الشعب في باطن الأرض يقتل وينكل به ، احتكار للغذاء والطعام ، واحتكار للتجارة ، واحتكار للمواصلات والسفر، الدولة تتدخل وتدخل في كل شيء  .السكن والمأوى تتصرف فيه السلطة كما تشاء ، تارة تمنعه ، وتارة تنهبه وتسلبه ، وتارة تحرقه . البناء والتعمير ممنوع  حتى يكون الناس بلا مأوي ولا سكن .

ومن جانب آخر هناك مشكلة مؤرقة زادت حمولة العذاب والمحنة ، وهي وضع اللا حرب واللا سلم بين إرتريا وإثيوبيا سوط مصلت على الشعب وأداة من أدواتها التي تعذبه بها وتحكم بها القبضة الأمنية والعسكرية عليه ، والنظام يتخذها ذريعة في تنفيذ سياسات تدمر الاستقرار والأمن والاقتصاد ، والدولتان مستفيدتان من هذه الوضعية  التي أنهكت المجتمع وأتعبت الناس ، وتظهر آثارها في سياسة عدم الاستقرار والدفع للهجرة المستمرة التي أفرغت البلاد .

ومن خارج البلاد تتكشف حقائق ووجه آخر يوثق للجريمة وحجم الانتهاكات ، فتأتي شواهد وشهادة الأمم المتحدة لما طفحت به الجريمة ، وأضحت ضحاياها تفوق العد والحد . قالت : وهناك جو من الإفلات من العقاب للجرائم ضد الإنسانية التي ترتكب منذ ربع قرن

وقالت : إن جرائم الاسترقاق والسجن والاختفاء القسري والتعذيب والاضطهاد والاغتصاب والقتل ، والأفعال اللا إنسانية الأخرى ارتكبت كجزء من حملة ممنهجة وواسعة النطاق لزرع الخوف وردع المعارضة ، وفي نهاية المطاف للسيطرة على السكان المدنيين الإرتيريين منذ العام 1991.

شهادة لجنة تقصي الحقائق  قيمتها أنها شهادة دولية ، طالما غضت الطرف طويلا ، وأرادت أن تكشف بعض الحقيقة من قصة شعب معذب رهين نظام يفعل فيه ما يشاء . ما يهم هو كيف يستفيد الشعب المضطهد من هذه الشهادة ويجعل منها ملفا يملأ المنضدة الدولية وأداة رادعة للمجرمين . هل يمكن تحريك قانون الملاحقة والمطالبة الجنائية الدولية لمرتكبي الجرائم ضد الانسانية في ارتريا ؟ خاصة مع هذه الشهادة للجنة الدولية ومطالباتها بالملاحقة الجنائية .

وبالنظر إلى الجزء الآخر من الشعب الارتري الذي له دوره المؤثر في زيادة محنة الشعب وهي قواه السياسية المعارضة التي بسلوكها السالب تشكل دائرة من دوائر التفكيك والتشتيت ، وصرف العمل المقاوم للاستبداد من فعله وأدائه وأهدافه ومقاصده .

هل تعي المعارضة الإرترية حجم المعاناة والمأساة التي يعيشها الشعب أم أنها مشغولة بمصالح ضيقة ، وصراعات مصنوعة خارج السياق لاهية ومتلهية عن دورها ومهمتها  الأساسية ، وغاب وعيها وإدراكها لمراراة ومحنة الشعب الذي تجتره في كل حين عذابات ومحنة النظام القاسي ، وللاسف أن الوقوع في دائرة صراعات المصالح الضيقة أنتج انصراف عن القضية الأساسية ، وتحلل من المسؤولية والمهمة الكبرى ، وضحالة في النظر وضيق في الأفق ، وكما أن السلوك المشوش في قضايا انصرافية تربك المشهد السياسي ، وتبعد النجعة ، وتطيل من عمر المحنة ، وفي النهاية تفقد المعارضة مقوم وجودها واستمرارها .

إن القضية هي أكبر من هذا ؟ قضية شعب مقهور ينتقل من احتلال أجنبي إلى احتلال واغتصاب وطن ، يمارس كل الوان الأذى والإهانة ، وقد كان مطاقا ومحتملا من المحتل الأجنبي  ، وكان الشعب يتسلى بالصبر والجلد والمثابرة على المقاومة . أما الآن زاد الكي ، وكثرت الجراحات من قريب وبعيد ، فأخذت كثيرا من صبره ومثابرته .

 

 
 
aaa
زيارات إسياس المتكررة إلى إثيوبيا ومآلاتها المستقبلية
خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم وشهادات المنصفين من غير المسلمين
رمضان في زمن الكورونا
بعد عام من إغلاق الحدود بين إرتريا والسودان من المستفيد ؟
ملامح الإتفاقية الإرترية الإثيوبية وتطلعات الشعب الإرتري
2024 © حقوق الطبع والنشر محفوظة للمؤتمر الإسلامي الإرتري | By : ShahBiz