منذ أن تقلد نظام إسياس الحكم في إرتريا بعد خروج جيش الإستعمار الإثيوبي مهزوما في مايو 1991م ظل يمارس حملة اعتقالات تعسفية ممنهجة تجاه كل من يخالف أهدافه وبرنامجه السياسي ، ولا يتوافق معه الرأي ، طالت هذه الإعتقالات الآلاف من معلمين ودعاة ، وصحفيين وسياسيين ، نفذتها فرق أمنية خاصة لا تلتزم بأي إجراءات قانونية ولا قيم أخلاقية ، تعتقل بصورة همجية ، وتسوق المعتقلين إلى أماكن مجهولة ، تغيبهم فيها عن الحياة ، لا يعرف عن مصيرهم ، ولا يحق لأحد أيا كان قريبا أو بعيدا أن يسأل عنهم ، مرت على بعضهم أكثر من خمسة وعشرين عاما ولا خبر عنهم أحياء هم أم أمواتا .
جرائم النظام في البلاد كثيرة شملت كل مناحي الحياة السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية وحتى الحقوق الشخصية والكرامة الإنسانية ، لكن أسوأ جرائمه هي جريمة الاعتقالات التي امتدت آثارها السيئة إلى آخرين ، لتصبح مأساة انسانية واجتماعية تتجدد آلامها كل يوم وعام في أوساط المجتمع الإرتري .
لقد تم اعتقال من اعتقل دون أن يعرف جريمته ، ويحرم من حقوق المعتقل المكفولة في حقوق الانسان ، من محاكمة عادلة ، وزيارات أهلية ، إلى غير ذلك من الحقوق ، بل ينكر النظام اعتقالهم ، الأمر الذي يشير إلى تعرض المعتقلين خاصة القدامي منهم إلى تصفيات وإعدامات جماعية وفردية ، ومن بقي منهم لا يسلم من الإصابة بعاهات وإعاقات تعرضوا لها بسبب أحوال السجن والمعاملة السيئة والتعذيب القاسي . لهذا لا يٌسمح لأحد أن يسأل عنهم وعن مصيرهم ، ولا يمكن لمنظمات حقوق الإنسان أن تقوم بزيارات تفقدية لسجون النظام لمعرفة أحوالهم أو مصيرهم .
لقد ظل يترقب الآباء والأمهات والأبناء والأزواج والأقارب طوال السنوات الماضية وما زالوا فرجا لأقربائهم المعتقلين فيسعدوا بعودتهم والتئام شملهم ، أو يعرفوا مصيرهم أمواتا فيستريحوا من طول الترقب ، وهذه الحالة هي من أسوأ حالات التعذيب والآلام النفسي التي يعيشها أهالي المعتقلين .
وعلى هذا فإن من أوجب الواجبات الوطنية على الشعب الإرتري الانشغال بحقوق هؤلاء المعتقلين الذين غيبهم النظام الاستبدادي ، والمطالبة بالإفراج عنهم أو التعرف على مصيرهم بكل الوسائل الممكنة وفي كل الميادين ، ونشكر في هذا الأمر حملة المعتقل الإرتري وقيادييها ، ونشيد بجهودها الكبيرة والمتعاظمة في نصرة المعتقلين بصورة منظمة وقانونية ، ورغم الصعوبات التي تواجهها فهي تسجل في كل عام تطوراً في وسائلها وأساليبها وفي فاعليتها وتأثيرها ، مما يتطلب منا نحن الإرتريين قوى سياسية ومنظمات المجتمع المدني والإداراة الأهلية وأفراد الشعب الإرتري وخاصة أسر المعتقلين أن ندعم هذه الحملة بالتفاعل مع برامجها ، ونزودها بكل المعلومات والوثائق المطلوبة والصحيحة عن المعتقلين ابتداء من عملية الاعتقال وما بعدها حتى اليوم ، لتمليكها مستندات قانونية تطالب بها عن حقوق هؤلاء المعتقلين عبر الجهات الحقوقية الدولية ، ويعد هذا الملف الحقوقي هو من أهم الوسائل التي تشكل خطرا على النظام .
إلى ذلك العمل على إيجاد برامج وآليات لتقديم المواساة والمساندة الاجتماعية ، وتقديم الدعم المعيشي والتعليمي والصحي لأسر المعتقلين لنخفف عنهم آلامهم وأوجاعهم ، والضغوط المعيشية ومعاناتهم الحياتية التي حلت بسبب فقدهم من كان يعولهم .
وختاما نوجه نداءنا ومناشدتنا لشعبنا الإرتري أن يعلو صوته ويتردد صداه في كل الأصقاع بمطالبة النظام بإطلاق سراح المعتقلين والإفراج عنهم فوراً ، والكشف عن مصيرهم ، ويشدد على مطالبته للمنظمات الحقوقية الدولية والإقليمية على إنهاء هذه المأساة الإنسانية ووضع حد لها .
ونسأل الله أن يعجل بالفرج عن المعتقلين ، ويفرح أهليهم بعودتهم إليهم سالمين .
المؤتمر الإسلامي الإرتري
مكتب العلاقات الخارجية والإعلام
14/4/2018