التحالف الديمقراطي الإرتري ومنذ تأسيسه في عام 1999م تحت مسمى التجمع الوطني الإرتري أخذ صدارة اهتمام المشهد السياسي الارتري المعارض , كونه أولا خطوة واعدة وجوهرية في اتجاه الاعتراف بالاختلاف والتغاير وقبول الآخر واتساع الوطن للجميع , خلافا لما كان سائدا في الساحة السياسية الإرترية كمفهوم وممارسة ( الساحة لا تتحمل أكثر من كيان ولا تتسع لأكثر من برنامج أو توجه ) , وكونه ثانيا محاولة لإيجاد بوتقة وحاضنة سياسية جامعة ومرجعية تنظيمية أكثر اتساعا وشمولا للقوى السياسية المعارضة بكافة تعدديتها وتنوع انتماءاتها , وفضلا على كونه ثالثا وليس أخيرا إطارا لقيادة النضال السياسي والإعلامي والجماهيري ولحشد سائر الطاقات والقدرات ولملمة سائر الجهود والإمكانات ودفعها في اتجاه تخليص الوطن من نظام قمعي مستبد أنهك الشعب وأوغل في قمعه وإذلاله بكافة أشكال القمع وكل أنواع الإذلال .
وبمناسبة انعقاد مؤتمر التحالف الدوري والذي اختتم فعالياته بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا في الأسبوع الماضي , أشير هنا من خلال النقاط والأسطرالقادمات إلى بعض الجوانب والتحديات التي لازمت مسيرة التحالف والتي صعب رفعها وتجاوزها إلى تاريخه كما تقول العبارة الإدارية .
1. مشكلة التحالف في الوسائل لا الأهداف .
لا خلاف في التحالف الديمقراطي على مستوى المبادئ والأهداف , فالأطراف المكونة له مع تنوعها وإختلافها في المبادئ والقيم وكذلك في الممارسة , تراضت أن تناضل جنبا إلى جنب لتحقيق هدفين أساسيين إسقاط النظام القمعي والإتيان بنظام بديل له , وهما هدفان نبيلان ومشروعان وممكنان , فضلا على أنهما محفزين للم الشمل ونبذ الفرقة ومحاربة الانقسام , إذ أن التصدي لمهام بتلك الضخامة والثقل لهو أكبر من واقع أي قوى معارضة منفردة مهما أوتيت من قوة ونفوذ , كما توافقت تلك القوى على مبادئ وثوابت حاكمة , واعتمدت آليات التغيير بشقيها السلمي والعنيف .
تجسد تلك المبادئ والأهداف وترجمتها إلى واقع معاش وملموس , ونقلها من حيز التنظير إلى حيز التطبيق , كان يتطلب ضمن مطلوبات عديدة توافر آليات ووسائل فاعلة , وحوامل ووسائط مؤثرة , و مزايا وقدرات على مستوى الخطاب والخطط والرؤى والهياكل وأدوات التنفيذ المختلفة , إلا ان التحالف ولأسباب مختلفة عانى كثيرا من عدم فاعلية الآليات والوسائل في بلوغ الأهداف والمرامي التي يقصدها .
فعلى المستوى الجماهيري إفتقدت الوسائط التي إستخدمها التحالف ميزة تحريك الجماهير وتوجيهها نحو غاياتها باعتبارها صاحبة المصلحة الأولى الأساسية في التغيير , مع أن سلاح الرهان على إرادة الجماهير والاعتماد عليها من خلال الثورات الشعبية التي تنظيم المنطقة العربية , ثبت انه خيار عملي قليل التكلفة وسريع النتائج , بل المفارقة هنا أن السخط الجماهيري البالغ واستياءها الشديد من النظام القمعي لا يعود لصالح جذب تلك الجماهير وكسب تأييدها ماديا ومعنويا لصف التحالف وتنظيماته , في خطوة تؤكد أن رسالة التحالف وأحزابه لم تصل للجماهير بعد ، وهو ما يبرز التحالف كما لو أنه كيان فوقي , امتداداته الجماهيرية هي إمتدادت جماهير التنظيمات التي تكونه فحسب .
وعلى مستوى الخطاب السياسي مازال التحالف وبعد مرور أكثر من عقد من الزمان على تأسيسه أسيرا لخطابه الأول ( خطاب التأسيس والانطلاق ) تعرية النظام وفضح سياساته وممارسته , والتي باتت معروفة لدى الشعب الإرتري , وأضحت عنده كالحقيقة الساطعة , ولقد عرف الشعب فجاجتها وفظاعتها وخبر قسوتها ومرارتها , والحال كذلك فإنه كان يتطلب كما يسميه علماء الإستراتيجية التغيير البرامجي والذي يقصد به التغيير على مستوى الاهتمام الموجه إلى القضية مع بقاء الأهداف كما هي , فالشعب يهمه أكثر كيفية مواجهة النظام القمعي والتخلص منه, والشعب مهيأ أكثر ومن أي وقت مضى لسماع ملامح وسمات وخطوط عامة عن المشروع البديل للنظام القمعي ثوابته ومرتكزاته وقواعده , فضلا على انه حان الوقت الذي يتطلب فيه إرسال رسائل تطمينية حول قدرة التحالف بالتعاون مع كافة قوى التغيير لملء الفراغ المتوقع حصوله حال سقوط النظام القمعي , لتبديد مخاوف جهات عديدة مازالت تخشى من الانحدار إلى الصوملة , وهو تخوف مبرر وغير مستبعد في ظل الأنظمة القمعية التي تخطف الدولة وتدمجها في بنيتها الحزبية .
وعلى المستوى الدبلوماسي استفادة التحالف من حماقات النظام وطيشه لم تكن كبيرة , إذ عودنا النظام القمعي وبشكل متكرر التورط في نشاطات تصب أولا وأخيرا في مصلحة التحالف وأحزابه , وبشكل خاص قرار مجلس الأمن ( 1907 ) لم يوظف ولم يستغل على الوجه المطلوب .
وعلى المستوى العسكري تنظيمات التحالف التي تتبنى وسائل التغيير العسكري لم تمكنها قدراتها الذاتية من الضغط علي النظام القمعي وتهديد استقراره بتوجيه ضربات موجعة ومؤثرة على بنياته الأساسية ومفاصله الهامة , بالشكل الذي تجبره على تغيير سياساته ومواقفه , و تحمله على تقديم تنازلات في حدها الأدنى الكف عن إيذاء الشعب والتعدي على حرماته وحقوقه .
2. أزمة الثقة .
عنصر الثقة يمثل العمود الفقري وحجر الزاوية في بناء واستمرار التحالفات السياسية , وهو ركيزة أسباب حيويتها وقوتها , ومتانة الثقة وصلابتها في التحالفات يتوقف على رسوخ وتجذر قيم معنوية وإدارية عديدة , مثل قيم التوافق , المشاركة , القيادة الجماعية , الصدق والصراحة , احترام المؤسسية , قبول الرأي الآخر , الاحترام المتبادل , تعزيز التزامات , وضوح الأولويات , تكريس الشفافية , وحسن التسيير , بالمقابل فإن غياب تلك القيم أو هشاشتها ينحدر بالثقة إلى حدودها الدنيا , و من ثم يفرز الكثير من الصعوبات والتعقيدات في طريق تحقيق أهداف التحالف .
نظريا يمكن إفتراض إمكانية قيام التحالفات على المصالح المتبادلة , والتي لا تضع للمشاعر والأحاسيس حساب ذي بال , إلا انه عمليا برهنت التجارب القديمة والجديدة أصدق برهان على صعوبة تحقيق إنجازات معتبرة وحيوية لتحالف كيانات وصلت المواجهات بين أطرافه إلى حدود التشفي والانتقام.
لعوامل تاريخية ونفسية تنظيمات التحالف لا تتمتع بثقة متماسكة , وهو ما حال دون خلق أجواء إيجابية وسليمة للفعل والإنتاج , بل أكثر من ذلك فإنه أمد الساحة السياسية ببؤر توتر إضافية , وبأدوات جديدة لصراع جديد بدلا عن حل الصراعات القديمة , كما في حالة حزب الشعب والذي أنسحب من التحالف إثر خلاف حول الملتقى الحوار الوطني , وكذلك بروز حالات وضع رجل في التحالف والأخرى في تحالف آخر من داخل التحالف ذاته وفي ذات القضية وبذات الوسائل , فضلا على تزايد الحس الاثني والنزعة القومية , وبالطبع فإن مثل تلك الأوضاع لن تذهب بالتحالف أبعد من خانة التنسيق والتعاون , مع أن التحالفات في الأصل هي مرحلة متقدمة جدا عن مرحلة تبادل الآراء والمعلومات .
التحالف إذا أرادت له أطرافه لعب دور محوري وفاعل في مجريات الأحداث الحالية والمستقبلية , فإنها يلزمها وجوبا العمل على إعادة بناء الثقة وتقويتها بشكل سليم وإيجابي من خلال خطوات عديدة وفي إتجهات مختلفة , من حلحلة الإشكالات البينية , وتمتين العلاقات البينية , وتقوية آليات اتخاذ القرارات واستقامتها ومعياريتها , و البر والوفاء والمصداقية للنظم والمواثيق , فضلا على إشراك شخصيات مجتمعية وأكاديمية المعروف عنهم الحياد والحكمة في مؤسساته التخطيطية , والاتفاق على ميثاق شرف يوقف التراشق الإعلامي والتنافس الميداني الضار والمعيق لعمل التحالف والالتزام باحترامه وتطبيق بنود ه
3. علو الأجندة الخاصة :
التحالف باعتباره وعاء جامع لكيانات سياسية وتنظيمية متعددة ومختلفة يخضع دائما لقاعدة التوافق على برنامج الحد الأدنى , والذي يقوم على ركيزتين أساسيتين , الأولى التركيز على القضايا الكلية والقواسم المشتركة , الثانية تأجيل المطالب والطموحات الجزئية إلى أمد محدود , إلى ما بعد إسقاط النظام , ولا يعني ذلك بأي حال إسقاط المطالب أوالتفريط بالحقوق , أو التخلي عن الخصوصيات , فالاستقلال الفكري والسياسي والتنظيمي لكل مكون من مكونات التحالف سيظل مبدأ كامل الاحترام والصون , ولكن ما يعني وبشكل محدد هو إفساح المجال للقضايا المصيرية المشتركة والأهداف الموحدة التي تجمع ولا تفرق , وتقرب ولا تباعد , وتهدئ ولا تثير , وعكسا من ذلك فإن بعضا من أطراف التحالف مازالت محكومة بأهدافها وببرنامجها الخاصة ,ومشغولة بقضاياها الجزئية وأجندتها الخاصة , ومهمومة بسقوفها العالية والعالية جدا , في تخطي تام لبرامج الحد الأدنى , وتجاوز لأسسه وقواعده , والإشكال هنا ليس حول عدالة تلك المطالب أو ومشروعيتها , ولا على حرية عرض الأفكار والطموحات الخاصة , الخلاف هنا قائم حول النهج والأولوية , إذ أن تجسيد تلك الخيارات على ارض الواقع يتطلب أول ما يتطلب إيجاد الظروف و المناخ السياسي والقانوني التي تتيح لكافة التعبيرات السياسية تقديم برامجها للشعب , وهوما يمكن إعتباره في حكم العدم مالم تسبقه خطوة تجميع الجهود وتركيز القوة لإسقاط النظام القمعي .
صحيح أنه من الصعوبة بمكان بقاء الوطن موحدا ومتماسكا في ظل إستفراد فئة منه بكل شيء , وإستحواز طائفة منه على كل شيء , وللتاريخ فإن مكونات اجتماعية عديدة لاقت الكثير من الإهمال والتهميش , وتعرضت للظلم والقهر بشكل ممنهج وسلطوي , وأنها ضحايا لنظام قمعي استئصالي قائم على معادلة مختلة وظالمة صيغت بلون واحد وبفكرة واحدة , مع ذلك فإن إستغلال الواقع الإستثنائي والشاذ الذي صنعه نظام هقدف - والمرفوض من الجميع - وتحويله إلى حقائق وثوابت هو خطأ إستراتيجي فادح في حق الوطن والكيان الذي تجاوز الجغرافية القومية إلى الجغرافية العـــــامة منذ أمد بعيد .
وفي كل الأحوال فإن الأوطان لا تبنى على مشاريع خاصة أو جزئية , والحلول لا تأتي بالإرتداد إلى الوارء , بالدفع بالقضايا الجزئية والخلافية الشائكة والحساسة , والتي يفهم منها النيل من الوطن وتفتيت لحمته وتشتيت أجزاءه , في خطوة لا تؤدي إلا لمزيد من التفتيت والاحتقان والتشنج وسط الرأي العام الارتري , ولن تفيد سوى في إضافة الكثير من الشرعية والعمر للنظام المستبد .
والوضع الصحيح في مواجهة التناقضات التي خلقها نظام هقدف المجرم هو تحمل المسؤلية الجماعية ,بإيجاد حلول وطنية شاملة تعطي كل ذي حق حقه , من خلال التراضي على نظام سياسي يمثل قيم ومصالح الجميع خلافا لنظام هقدف الاقصائي والتميزي ، نظام سياسي يقوم على مشروعية دستورية وقانونية وخيارالشعب وإرادته , يضمن الحريات والحقوق ويجسد الشراكة الوطنية سلطة وثروة , يستوعب التعدد والتنوع بكل أشكاله وصنوفه , يحقق المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص للجميع , يوفر أسس واقعية وفعلية لإقامة حكم لا مركزي يعطي الحكم المحلي واسع الصلاحيات والسلطات .
سياسيا وانطلاقا من مفهوم أن الأوطان حقوق قبل أن تكون جغرافيا فإن ضمان الحقوق الثقافية وإحترام الخصوصيات في ميثاق التحالف والمفوضية ومسودة الدستور الانتقالي هي خطوة مهمة وضرورية في طريق إحتواء مخاوف بعض القوى ذات التوجهات الخاصة , والقوى السياسية مطالبة بأن تستصحب تلك المخاوف وبشكل جدي في برامجها ومواقفها, وذلك بإقرار ثوابت ومبادئ هامة في علاج الاختلالات والتفاوت, كالتمييز الايجابي والتفضيل وأسبقية التنمية في المناطق المتضررة والتعويض ---- الخ , وفي تقديري الشخصي فإن المحاصاصة تظل آلية مناسبة لإعادة التوازن المطلوب على مستوى السلطة والثورة والمعرفة , ولردم التمايزات الجغرافية والثقافية والتي برزت على السطح وبشكل سافر , صحيح المحاصصة كمبدأ قد لاتكون هدفا مستقبليا أو دائما , ولكنها مرحليا وسياسيا مهمة وضرورية لرفع الغبن، وجبر الضرر .
4. ضعف القاعدة والأساس .
تشكل التنظيمات السياسية العماد الأساسي ، والسند الرئيسي , في التحالفات السياسية , وما التحالفات إلا إطار وصور لواقع مكوناتها قوة وضعفا نجاحا وفشلا , ومن ثم فإن تواضع الأداء والكسب في التحالف يعود في أسبابه إلى ضعف الأطراف التي تكونه , بنية وهياكل وضعف آخر في قدراتها وإمكاناتها وضعف أعمق في جماهيريتها ، فضلا على أن بعضها مازالت منقسمة على نفسها تمارس الخلاف والخصام إزاء بعضها , وتنشغل بالمنافسة وصراعاتها الخاصة , بل أنها ( أي أطراف التحالف ) غير موحدة في الأسباب والدوافع والمحفزات تجاه التحالف, فمنها من لا تتجاوز عندها الدوافع عدم تسجيل الغياب وتجنب العزلة , ومنها من ترى فيه مكانا مهما لتعزيز الوضع الداخلي , ومنها من تراه وضعا أساسيا للتقوى على الخصوم , ومنها من ترى فيه مجالا حيويا لتحريك مصالحها وأجنداتها الخاصة , ومنها من ترى فيه سلاحا مهما في تحقيق التطلعات والمشتركات والثوابت العامة , وبطبيعة الحال فإن التوحد في المنطلقات والدوافع هي أبسط شروط التحالفات , وأن التحالف الذي تتباين فيه الدوافع والمنطلقات بين أطرافه الأساسية من الصعوبة أن يفرز حالة صحية ومناخ إيجابي للعملية السياسية أو أن يكون محورا للتغيير.
المفهوم السياسي الصحيح للتحالف, يعبر على أن الكيان السياسي مهما بلغ من قوة وإمكانات فهو في حاجة إلى الكيانات الأخرى لتحقيق الطموحات والأشواق المشتركة ولتقاسم الجهود والتضحيات , وبالتالي فعلى أطراف التحالف ودون استثناء تطويع أفكارها وتصوراتها وأدواتها وأساليب عملها على أساس أولويات التحالف واحتياجاته , وأن يكون مضمون نشاطاتها وتفاعلاتها تحت سقف التحالف لا على حسابه , بإعطاء القضايا المشتركة ذات الطابع الوطني إهتمام أكبر من مسائلها التنظيمية , وأن تجعل مصير القضية المركزية - إسقاط النظام - أهم من مصير كياناتها , وأن تعلي القيم المشتركة والثوابت الجامعة على قيمها وثوابتها الخاصة , ومقتضى كل ذلك وشروطه يستوجب إنهاء وضع التشرذم والإنقسام الذي تعيشه أطراف التحالف لصالح الوئام والوحدة والإنسجام , بتهيئة أفضل الظروف الملائمة لخوض حوار جدي وعميق لا يستثني أحد بما فيه حزب الشعب الديمقراطي , حوار ايجابي وبناء يفضي لمصالحة حقيقية أكرر حقيقية , لا الحوار الذي يؤدي إلى تعميق الخلافات البينية , وأشدد هنا على أهمية فتح الملفات والقضايا المسكوت عنها وغير المسفوح عنها إلى الآن , فالملفات الخلافية التي تظهر على السطح من حين لآخر بمظاهرها الإجرائية والتنظيمية قد لا تعبر حقيقة عن أصل المشكلة وجذورها كما في قول المفكر السوداني فرانسيس دينق ( ما يفرقنا هو ما لا يقال , لا ما يقال , فما يقال لا يفرق بيننا) .
5. الخاتمة :
تلك كانت وقفات مع بعض التحديات والحقائق التي واجهت مسيرة التحالف ومازالت, و التي تشير بوضوح على أن التحالف في حاجة أولا إلى تصحيح أخطاءه النظرية والعملية , وثانيا إلى إصلاحات سياسية وإدارية عميقة على مستوى النظر والعمل , حتى يكون في مستوى التحديات التي تواجهه وتنتظره وما أكثرها , فالتخلص من النظام القمعي محكوم وبشكل أساسي بسياقات القدرة وليس الرغبة فحسب , والتغيير المأمول والمحلوم لن يتحقق إلا عبر خطوات عملية وأدوات فعلية لا عبر الآمال والتمنيات, والعناوين الكبرى على شاكلة إسقاط النظام ( تحقيق المرفوض ) وإحلال نظام سياسي ديمقراطي( تحقيق المطلوب ) لم تعد تكفي , إذا لم تعزز بآليات وأساليب عمل دبلوماسية وسياسية وإعلامية وعسكرية فاعلة , وخطاب سياسي عميق , وتوظيف الموارد والإمكانات المتاحة بشكل جيد , فضلا على بناء ودعم الثقة وتقويتها , والتركيز على القضايا الكلية الجامعة , وكل ذلك ممكن ومتاح لو خلصت النوايا والإرادة والإدارة وبذل جهد استثنائي .
وفي كل الأحوال فإن الحاجة للتحالف اليوم وغدا تزداد ولا تنقص , كآلية لا غنى عنه لتنظيم التعدد والتنوع وإدارته , وقد قيل قديما ( انه إذا كان هناك شخص واحد بالعالم عرف السلام , وعندما يكون شخصان عرف الصراع , وعندما يكون ثلاثة عرف التحالف ) .