الدرس العشر
ونليلة القدر
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين ، وبعد :أخي المسلم : إن في العشر الأواخر من رمضان ليلة القدر ، وهذه الليلة لها فضلٌ عظيمٌ ، ومن فضلها :
• أنها ليلة مباركة : كما قال الله تعالى : ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ﴾ [الدخان: 3 -5].
• أنها ليلة الشرف (القَدر) : فهي ليلة شريفة عظيمة ،كما قال تعالى : ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴾ [القدر: 1]. فيُقدِّر اللهُ فيها ما يكون في السنة ويقضيه من أموره الحكيمة .
• وأنها ليلة - في فضلها وشرفها وكثرة خيرها وثواب الأجر فيها - خيرٌ من ألف شهر ، كما قال تعالى : ﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾ [القدر: 3].
• وأن فيها تتنزل الملائكة وجبريل †في الأرض بالبركة ، والخير ، والرحمة ، كما قال تعالى : ﴿ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا ﴾ [القدر: 4].
• وأنها ليلة سلام للمؤمنين من كل ما يخافون : لكثرة مغفرة الذنوب فيها والعتق من النار ﴿ سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾ [القدر: 4].
• أنّها كما قال : ( مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ) رواه الشيخان. فمن قامها إيماناً بالله ، وبما أعدَّه من الثواب لمن قامها ، واحتساباً للأجر عند الله تعالى ، حصل على هذا الفضل وإن لم يعلم بها.
• وليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان (في الوتر من العشر) ، فيشرع لك - أيها المسلم - أن تتحرَّاها ، وتطلبها ، وتحرص عليها ، وقد قال : ( تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنْ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ ) رواه البخاري.
• إذا فاتتك الليالي الثلاث الأولى من العشر ، أو ضَعُفت عنها ، فاجتهد في السبع البواقي ، فقد قال : ( الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ يَعْنِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَإِنْ ضَعُفَ أَحَدُكُمْ أَوْ عَجَزَ فَلَا يُغْلَبَنَّ عَلَى السَّبْعِ الْبَوَاقِي ) رواه مسلم .
• احرص على الاجتهاد في العشر الأواخر في تحري ليلة القدر ، وكن أكثر تحرياً لها في السبع الأواخر ، فقد قال لرجالٍ من أصحابه أُروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر : ( أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيهَا فَلْيَتَحَرَّهَا فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ ) رواه الشيخان .
• التمس ليلة القدر وتطلَّبها في ليلة خمس وعشرين ، وسبع وعشرين ، وتسع وعشرين ، فقد قال : ( الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي تَاسِعَةٍ تَبْقَى فِي سَابِعَةٍ تَبْقَى فِي خَامِسَةٍ تَبْقَى ) رواه البخاري .
• أقرب السبع الأواخر ليلة سبع وعشرين ، فاهتمّ بهذه الليلة ( ليلة سبع وعشرين ) ، وقد قال أُبيّ بن كعب س: ( وَ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَيُّ لَيْلَةٍ هِيَ هِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي أَمَرَنَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ ع بِقِيَامِهَا هِيَ لَيْلَةُ صَبِيحَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ ) رواه مسلم .
• أكثر من هذا الدعاء في ليالي تحري ليلة القدر : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ، فقد سألت عائشة ل النبي ع: ( أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا قَالَ قُولِي اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي ) رواه الترمذي وابن ماجة (صحيح) .
• علامة ليلة القدر في حديث أُبَيٍّ س قال : ( وَأَمَارَتُهَا أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِهَا بَيْضَاءَ لَا شُعَاعَ لَهَا ) رواه مسلم. وعند أبي داود قال : ( تُصْبِحُ الشَّمْسُ صَبِيحَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ مِثْلَ الطَّسْتِ لَيْسَ لَهَا شُعَاعٌ حَتَّى تَرْتَفِعَ ) (صحيح) .
نقلاً من كتاب دروس شهر رمضان
للشيخ محمد بن شامي مطاعن شيبة